رد: قصص الانبياء (أفضل القصص بتفاصيلها )
وكما اشتدت وطأة أهل مكة على النبي صلى الله عليه وسلم
اشتدت على أصحابه حتى التجأ
رفيقه أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه إلى الهجرة
عن مكة فخرج حتى بلغ برك الغماد
يريد الحبشة، فأرجعه ابن الدغنة في جواره
قال ابن إسحاق لما هلك أبو طالب
نالت قريش من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الأذى
ما لم تطمع به في حياة أبي طال
حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش
فنثر على رأسه تراباً
ودخل بيته والتراب على رأسه
فقامت إليه إحدى بناته
فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول
لها لا تبكي يا بنية
فإن اللَّه مانع أباك
قال
ويقول بين ذلك ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه
حتى مات أبو طالب.
ولأجل توالي مثل هذه الآلام في هذا العام
سماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الحزن
وبهذا اللقب صار معروفاً في التاريخ
الزواج بسودة رضي اللَّه عنها
وفي شوال من هذه السنة سنة 10 من النبوة
تزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة
كانت ممن أسلم قديماً
وكانت أول امرأة تزوجها بعد وفاة خديجة
وبينا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة
التي كانت دعوته تشق فيها طريقاً بين النجاح والاضطهاد
وقع حادث الإسراء والمعراج.
وروى أئمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة
وفيما يلي نسردها بإيجاز
قال ابن القيم
أسري برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجسده
على الصحيح من المسجد الحرام إلى البيت المقدس
راكباً على البراق
صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام
فنزل هناك
وصلى بالأنبياء إماماً
وربط البراق بحلقة باب المسجد.
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا
فاستفتح له جبريل ففتح له
فرأى هنالك آدم أبا البشر
فسلم عليه
فرحب به ورد عليه السلام
وأقر بنبوته
وأراه اللَّه أرواح الشهداء عن يمينه
وأرواح الأشقياء عن يساره.
ثم عرج به إلى السماء الثانية
فاستفتح له
فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم
فلقيهما وسلم عليهما
فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف
فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الرابعة
فرأى فيها إدريس، فسلم عليه، ورحب به وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الخامسة
فرأى فيها هارون بن عمران فسلم عليه
ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء السادسة
فلقي فيها موسى بن عمران فسلم عليه
ورحب به، وأقر بنبوته.
فلما جاوزه بكى موسى عليه السلام
فقيل له ما يبكيك؟
فقال
أبكي لأن غلاماً بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته
أكثر مما يدخلها من أمتي.
ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام
فسلم عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم رفع له البيت المعمور.
ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله
فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى
فأوحى إلى عبده ما أوحى
وفرض عليه خمسين صلاة
فرجع حتى مرّ على موسى
فقال له بم أمرك؟
قال بخمسين صلاة
قال
إن أمتك لا تطيق ذلك
ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك
فالتفت إلى جبريل
كأنه يستشيره في ذلك
فأشار أن نعم، إن شئت، فعلا به جبريل
حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى
وهو في مكانه هذا لفظ البخاري في بعض الطرق
فوضع عنه عشراً
ثم أنزل حتى مر بموسى
فأخبره
فقال ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف
فلم يزل يتردد بين موسى وبين اللَّه عز وجل
حتى جعلها خمساً
فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف
فقال
قد استحييت من ربي
ولكني أرضى وأسلم
فلما بعد نادى مناد قد أمضيت فريضتي
وخففت عن عبادي
انتهى.
وقد رأى ضمن هذه الرحلة أموراً عديدة
عرض عليه اللبن والخمر
فاختار اللبن
فقيل
هديت الفطرة أو أصبت الفطرة
أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك.
ورأى مالك خازن النار
وهو لا يضحك
وليس على وجهه بشر وبشاشة وكذلك رأى الجنة والنار.
ورأى أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل
يقذفون في أفواههم قطعاً من نار كالأفهار
فتخرج من أدبارهم.
ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون
لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم
ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم.
ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال
من ليس من أولادهم رآهن معلقات بثديهن.
ورأى عيراً من أهل مكة في الإياب والذهاب
وقد دلهم على بعير ندّ لهم
وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون
ثم ترك الإناء مغطى
وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.
قال ابن القيم فلما أصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في قومه أخبرهم بما أراه اللَّه عز وجل من آياته الكبرى
فاشتد تكذيبهم له
وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس
فجلاه اللَّه له، حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته
ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً
وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه
وأخبرهم عن وقت قدومها
وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها وكان الأمر كما قال
فلم يزدهم ذلك إلا نفوراً
وأبى الظالمون إلا كفوراً.
يقال سمى أبو بكر رضي اللَّه عنه صديقاً
لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس.
وأوجز وأعظم ما ورد في تعليل هذه الرحلة
هو قوله تعالى
(لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا)
وهذه سنة اللَّه في الأنبياء
قال تعالى
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ)
والحكم والأسرار التي تكمن وراء جزئيات هذه الرحلة
إنما محل بحثها كتب أسرار الشريعة
ولكن هنا حقائق بسيطة تتفجر من ينابيع هذه الرحلة المباركة
وتتدفق إلى حدائق أزهار السيرة النبوية
على صاحبها الصلاة والسلام والتحية
أرى أن نسجّل بعضاً منها
بالإيجاز يرى القارىء في سورة الإسراء
أن اللَّه ذكر قصة الإسراء في آية واحدة فقط
ثم أخذ في ذكر فضائح اليهود وجرائمهم
ثم نبههم بأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم
فربما يظن القارىء
أن الآيتين ليس بينهما ارتباط
والأمر ليس كذلك
فإن اللَّه تعالى يشير بهذا الأسلوب
إلى أن الإسراء إنما وقع إلى بيت المقدس
لأن اليهود سيعزلون عن منصب قيادة الأمة الإنسانية
لما ارتكبوا من الجرائم التي لم يبق معها مجال لبقائهم
على هذا المنصب
وأن اللَّه سينقل هذا المنصب فعلاً
إلى رسوله صلى الله عليه وسلم
ويجمع له مركزي الدعوة الإبراهيمية كليهما
فقد آن أوان انتقال القيادة الروحية من أمة إلى أمة
من أمة ملأت تاريخها بالغدر والخيانة والإثم والعدوان
إلى أمة تتدفق بالبر والخيرات
ولا يزال رسولها يتمتع بوحي القرآن
الذي يهدي للتي هي أقوم.
ولكن كيف تنتقل هذه القيادة
والرسول يطوف في جبال مكة مطروداً بين الناس
هذا السؤال يكشف الغطاء عن حقيقة أخرى
وهي أن دوراً من هذه الدعوة الإسلامية
قد أوشك إلى النهاية والتمام
وسيبدأ دور آخر يختلف عن الأول في مجراه
ولذلك نرى بعض الآيات تشتمل على إنذار سافر
ووعيد شديد بالنسبة إلى المشركين
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا
فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)
(وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ
وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا)
إلى جانب هذه الآيات آيات أخرى تبين للمسلمين
قواعد الحضارة وبنودها ومبادئها
التي يبتنى عليها مجتمعهم الإسلامي
ففيه إشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم
سيجد ملجأ ومأمناً يستقر فيه أمره
ويصير مركزاً لبث دعوته في أرجاء الدنيا
هذا سر من أسرار هذه الرحلة المباركة
وكما اشتدت وطأة أهل مكة على النبي صلى الله عليه وسلم
اشتدت على أصحابه حتى التجأ
رفيقه أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه إلى الهجرة
عن مكة فخرج حتى بلغ برك الغماد
يريد الحبشة، فأرجعه ابن الدغنة في جواره
قال ابن إسحاق لما هلك أبو طالب
نالت قريش من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الأذى
ما لم تطمع به في حياة أبي طال
حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش
فنثر على رأسه تراباً
ودخل بيته والتراب على رأسه
فقامت إليه إحدى بناته
فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول
لها لا تبكي يا بنية
فإن اللَّه مانع أباك
قال
ويقول بين ذلك ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه
حتى مات أبو طالب.
ولأجل توالي مثل هذه الآلام في هذا العام
سماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عام الحزن
وبهذا اللقب صار معروفاً في التاريخ
الزواج بسودة رضي اللَّه عنها
وفي شوال من هذه السنة سنة 10 من النبوة
تزوج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة
كانت ممن أسلم قديماً
وكانت أول امرأة تزوجها بعد وفاة خديجة
وبينا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة
التي كانت دعوته تشق فيها طريقاً بين النجاح والاضطهاد
وقع حادث الإسراء والمعراج.
وروى أئمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة
وفيما يلي نسردها بإيجاز
قال ابن القيم
أسري برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بجسده
على الصحيح من المسجد الحرام إلى البيت المقدس
راكباً على البراق
صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام
فنزل هناك
وصلى بالأنبياء إماماً
وربط البراق بحلقة باب المسجد.
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا
فاستفتح له جبريل ففتح له
فرأى هنالك آدم أبا البشر
فسلم عليه
فرحب به ورد عليه السلام
وأقر بنبوته
وأراه اللَّه أرواح الشهداء عن يمينه
وأرواح الأشقياء عن يساره.
ثم عرج به إلى السماء الثانية
فاستفتح له
فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم
فلقيهما وسلم عليهما
فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف
فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الرابعة
فرأى فيها إدريس، فسلم عليه، ورحب به وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء الخامسة
فرأى فيها هارون بن عمران فسلم عليه
ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عرج به إلى السماء السادسة
فلقي فيها موسى بن عمران فسلم عليه
ورحب به، وأقر بنبوته.
فلما جاوزه بكى موسى عليه السلام
فقيل له ما يبكيك؟
فقال
أبكي لأن غلاماً بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته
أكثر مما يدخلها من أمتي.
ثم عرج به إلى السماء السابعة، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام
فسلم عليه ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم رفع إلى سدرة المنتهى، ثم رفع له البيت المعمور.
ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله
فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى
فأوحى إلى عبده ما أوحى
وفرض عليه خمسين صلاة
فرجع حتى مرّ على موسى
فقال له بم أمرك؟
قال بخمسين صلاة
قال
إن أمتك لا تطيق ذلك
ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك
فالتفت إلى جبريل
كأنه يستشيره في ذلك
فأشار أن نعم، إن شئت، فعلا به جبريل
حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى
وهو في مكانه هذا لفظ البخاري في بعض الطرق
فوضع عنه عشراً
ثم أنزل حتى مر بموسى
فأخبره
فقال ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف
فلم يزل يتردد بين موسى وبين اللَّه عز وجل
حتى جعلها خمساً
فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف
فقال
قد استحييت من ربي
ولكني أرضى وأسلم
فلما بعد نادى مناد قد أمضيت فريضتي
وخففت عن عبادي
انتهى.
وقد رأى ضمن هذه الرحلة أموراً عديدة
عرض عليه اللبن والخمر
فاختار اللبن
فقيل
هديت الفطرة أو أصبت الفطرة
أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك.
ورأى مالك خازن النار
وهو لا يضحك
وليس على وجهه بشر وبشاشة وكذلك رأى الجنة والنار.
ورأى أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل
يقذفون في أفواههم قطعاً من نار كالأفهار
فتخرج من أدبارهم.
ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون
لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم
ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم.
ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال
من ليس من أولادهم رآهن معلقات بثديهن.
ورأى عيراً من أهل مكة في الإياب والذهاب
وقد دلهم على بعير ندّ لهم
وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون
ثم ترك الإناء مغطى
وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.
قال ابن القيم فلما أصبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
في قومه أخبرهم بما أراه اللَّه عز وجل من آياته الكبرى
فاشتد تكذيبهم له
وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس
فجلاه اللَّه له، حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته
ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً
وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه
وأخبرهم عن وقت قدومها
وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها وكان الأمر كما قال
فلم يزدهم ذلك إلا نفوراً
وأبى الظالمون إلا كفوراً.
يقال سمى أبو بكر رضي اللَّه عنه صديقاً
لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس.
وأوجز وأعظم ما ورد في تعليل هذه الرحلة
هو قوله تعالى
(لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا)
وهذه سنة اللَّه في الأنبياء
قال تعالى
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ)
والحكم والأسرار التي تكمن وراء جزئيات هذه الرحلة
إنما محل بحثها كتب أسرار الشريعة
ولكن هنا حقائق بسيطة تتفجر من ينابيع هذه الرحلة المباركة
وتتدفق إلى حدائق أزهار السيرة النبوية
على صاحبها الصلاة والسلام والتحية
أرى أن نسجّل بعضاً منها
بالإيجاز يرى القارىء في سورة الإسراء
أن اللَّه ذكر قصة الإسراء في آية واحدة فقط
ثم أخذ في ذكر فضائح اليهود وجرائمهم
ثم نبههم بأن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم
فربما يظن القارىء
أن الآيتين ليس بينهما ارتباط
والأمر ليس كذلك
فإن اللَّه تعالى يشير بهذا الأسلوب
إلى أن الإسراء إنما وقع إلى بيت المقدس
لأن اليهود سيعزلون عن منصب قيادة الأمة الإنسانية
لما ارتكبوا من الجرائم التي لم يبق معها مجال لبقائهم
على هذا المنصب
وأن اللَّه سينقل هذا المنصب فعلاً
إلى رسوله صلى الله عليه وسلم
ويجمع له مركزي الدعوة الإبراهيمية كليهما
فقد آن أوان انتقال القيادة الروحية من أمة إلى أمة
من أمة ملأت تاريخها بالغدر والخيانة والإثم والعدوان
إلى أمة تتدفق بالبر والخيرات
ولا يزال رسولها يتمتع بوحي القرآن
الذي يهدي للتي هي أقوم.
ولكن كيف تنتقل هذه القيادة
والرسول يطوف في جبال مكة مطروداً بين الناس
هذا السؤال يكشف الغطاء عن حقيقة أخرى
وهي أن دوراً من هذه الدعوة الإسلامية
قد أوشك إلى النهاية والتمام
وسيبدأ دور آخر يختلف عن الأول في مجراه
ولذلك نرى بعض الآيات تشتمل على إنذار سافر
ووعيد شديد بالنسبة إلى المشركين
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا
فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)
(وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ
وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا)
إلى جانب هذه الآيات آيات أخرى تبين للمسلمين
قواعد الحضارة وبنودها ومبادئها
التي يبتنى عليها مجتمعهم الإسلامي
ففيه إشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم
سيجد ملجأ ومأمناً يستقر فيه أمره
ويصير مركزاً لبث دعوته في أرجاء الدنيا
هذا سر من أسرار هذه الرحلة المباركة