كانَت لَحظَات سَريعَة تَحكَّمَ فيها الغضب ،و بانَ من تهوره ما يَدعوا للعَجَب , فقد استَيقَظ على صوت صراخ جيرانه على ولده وقت القيلولة,
بعد أن ازعجه صخبه بحكم كون بيوتهم صغيرة و متلاصقة و الكهرباء منقطعة و الأجواء لاهبة. فتتلاشى حينها حدود الحلم و سعة الصدر ،
و يضيق القلب بما حوله _غالبا_ من البشر. نعم استيقظ الأب و شاهد بعينه كيف صفع جيرانه إبنه بعد أن تمادى في كلامه و أوقعه أرضا,
فكان الشيطان حاضرا , و للتحريش و اثارة البغضاء ناشراً. فركض نحو الجار و تبادلا الصراخ و تطورالأمر الى عراك بالايدي،
إلى أن تدخل باقي الجيران و حجزوا بينهما، و لكن الأب لم يهدأ من فورة غضبه ، دخل منزله و سحب سلاحه و وقف أمام بيت جاره و نادى عليه,
و فور خروجه بادره باطلاق الرصاص فاستقرت في جسمه رصاصة قاتلة، نعم لقد ازهق روح جار العمر، امام عائلته وترك اطفاله يتامى و انتهى الأمر،
وقع السلاح من يديه و ركض مع باقي الناس الى جثمان جاره المضرج بالدم يرفعه عليه و يصرخ كالمجنون، استيقظ يا جاري لا تمت ،
فداك ولدي اضربه ما شئت متى أردت!
و لكن هيهات أن يحصل على إجابة من قتيل جسده على الارض ممدد ، فتركه و هام على وجهه في الطرقات هاربا من هذا المشهد ،
و هو ينادي ماذا فعلت! كيف لنفسي ضيعت ، و لأطفال جاري يَتَّمَت ،ليته يعود الزمن الى ما قبل دقائق ، فأتدارك غلطتي و أتصرف مع الموقف بشكل عقلاني لائق،
و هو يتخيل نفسه يحاكم امام القضاء ، و يعلم نتيجة حكمه التي لن تكون الا القصاص و هو حكم الارض و السماء, و فجأة سمع صوت منبه ساعته يرن ،
و استيقظ من نومه بجسد متعرق من التعب يئن ، نعم لقد كان كابوسا فظيعا و لكن.. نفس المشهد يتكرر و يسمع صراخ ابنه و تجاوزه على جاره للتو يبدأ ،
فركض سريعا دون تفكير ، و لطم وجه ابنه أدمته و تركت انفه ينزف الدم الغزير ، و التفت الى جاره معانقاً إياه و يبكي ، و تعهد له بأنه لن يرى بعد الآن من طفله ما يجعله يشكي،
و اندهش جاره من الموقف ، فهو حتما لم يكن بقصة الكابوس يعرف ،فهذه فرصة اتيحت لهذا الشخص مع جاره، قد لا تتاح لغيره ان حضر الشيطان و رسم له خططه و افكاره ،

بقلمي / مزاج كاتب