بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتنا الغوالي :
أن من تراثنا الأسلامي هو العدل .. ومن كبار رجالات الأسلام القيادية
السلطان العثماني العادل سليمان القانوني ..
ووقعت عيني على أحدى روائع أدبياته ,, وهي يوم وفاة أمه رحمها الله..
وهذه كلماتها ..
نَزَلَ الأَسَىْ فَوْقَ الأَسَىْ بِدِيَاْرِيْ
وَ امْتَدََّ كَالطُّوْفَاْنِ ؛كَالإعْصَاْرِ
فَجَدَاْوِلُُ الدَّمْعِ الْغَزِيْرِ كَثِيْرَةٌ
تَجْرِيْ عَلَى الْوَجنَاْتِ كَالأَنْهَاْرِ
وَ بِكُلِّ عَيْنٍ عَيْنُ دَمْعٍ لَوْنُهَاْ
يُغْنِيْ عَنِ الإِعْلاْنِ ؛ وَ الإِسْرَاْرِ
فَعِبَاْرَةُ الدَّمْعِ الْهَتُوْنِ بَلِيْغَةٌ
وَ فَصِيْحَةُ الأَخْبَاْرِ ؛ وَ الأَشْعَاْرِ
تَرْوِيْ تَفَاْصِيْلَ الْحِكايةِ جَهْرَةً
وَ تُذِيْبُ قَلْبَ الصَّاْبِرِ الْجَبَّاْرِ
وَ تُوحِّدُ الإِدْرَاْكَ رَغْمَ تَبَايُنٍ
بِمَشَاْعِرِ الأَهْلِيْنَ ؛ وَ الزُّوَّاْرِ
فَتَسُوْدُ حالاتُ الذُّهُوْلِ ؛ لِمَاْ جَرَىْ
أَوْ شَاْعَ بَيْنَ النَّاْسِ مِنْ أَخْبَاْرِ
وَ يَلُوْذُ بَعْضُ النَّاْسِ بِالسَّرْدِ الَّذِيْ
غَطَّىْ عَلَىْ مَاْ جَاْءَ فِي الأَسْفَاْرِ
فَيُصَوِّرُوْنَ نَوَاْزِلَ الْمَوْتِ الَّتِيْ
تُنْبِيْ عَنِ الْمَكْتُوْبِ فِي الأَقْدَاْرِ
10 : وَ الْمَوْتُ حَقٌّ ، وَ الْحَيَاْةُ قَصِيْرَةٌ
مَهْمَا اسْتَطَاْلَتْ مُدَّةُ الأَعْمَاْرِ
كَمْ أَخْبَرَ الرُّكْبَاْنُ عَنْهُ ؛ وَ حَدَّثُواْ
عَنْ مُقْلَةٍ عَبْرَىْ ؛ وَ دَمْعٍ جَاْرِ
مَاْ بَيْنَ صَرْخَةِِ مَوْلِدٍ فِيْ فَرْحَةٍ
وَ عَوِيْلِ نَاْدِبَةٍ ، وَ شَقِّ إِزَاْرِ
مَاْ بَيْنَ بَاْكِيَةٍ ؛ وَ بَاْكٍ بَعْدَ مَاْ
نَفِذَ الْقَضَاْءُ ؛ بِغَيْرِ مَاْ إِشْعَاْرِ
نَفِذَ الْقَضَاْءُ ، فَلَمْ تُكَفْكَفْ دَمْعَةٌ
فَيَّاْضَةٌ مِنْ أَدْمُعِ الأَبْرَاْرِ
دَمْعُ الْعُيُوْنِ عَلَى الْخُدُوْدِ قَصَاْئِدٌ
تُتْلَىْ عَلَى الْجَدَّاْتِ ؛ وَ الأَبْكَاْرِ
وَ النَّاْسُ تَلْهُوْ ، أَوْ تُفَكِّرُ ؛ إِنَّمَاْ
حُكْمُ الْقَضَاْءِ يُطِيْحُ بِالأَفْكَاْرِ
وَ يُحَوِّلُ الْفَرَحَ الْمُغَرِّدَ مَأْتَماً
يَرْمِيْ قُلُوْبَ النَّاْسِ فِي الأَعْشَاْرِ
يَرْمِي الْقُلُوْبَ بِغُصَّةٍ فَتَّاْكَةٍ
مَكْشُوْفَةٍ عُظْمَىْ بِغَيْرِ سِتَاْرِ
فَإِذَاْ بِأَلْحَاْنِ الْقُلُوْبِ حَزِيْنَةٌ
وَ الْحُزْنُ يُشْجِيْ نَغْمَةَ الأَوْتَاْرِ
20 : وَ يُبَدِّلُ الَّلحْنَ الطَّرُوْبَ مَنَاْحَةً
و يُنَغِّصُ الأَفْرَاْحَ بِالأَكْدَاْرِ
وَ يُشَتِّتُ الشَّمْلَ الْمُجَمَّعَ – فَجْأَةً -
بِجُمُوْعِهِ ، وَ بِجَيْشِهِ الْجَرَّاْرِ
و يُحَيِّرُ الْعَلَمَ الْحَلِيْمَ بِحِلْمِهْ
فَيَجُوْلُ كَالذَّرَاْتِ فِي الإِعْصَاْرِ
وَ يُكَاْبِدُ الآلاْمَ - فيْ أَحْزَاْنِهِ -
مُتَضَاْرِبَ الأَفْكَاْرِ فِي الدَّوَاْرِ
وَ يَقُوْلُ أَقْوَاْلاً - لِيَشْرَحَ مَاْ جَرَىْ -
بِالسِّرِّ ؛ وَ الإِعْلاْنِ ؛ بِالتَّكْرَاْرِ
وَ يُجَسِدُ الْحَدَثَ الأَلِيْمَ بِقَوْلِهِ :
- لِجَمَاْعَةِ الْغُيَّاْبِ و الْحُضَّاْرِ –
صَمْتاً ؛ سَأَشْرَحُ مَاْ لَقِيْتُ ؛ وَ مَاْ جَرَىْ
فِيْ عَاْلَمِ الْعُقَلاْءِ ؛ وَ الأَغْمَاْرِ
قَبَّلْتُ أُمِّيْ – حِيْنَمَاْ وَدَّعْتُهَاْ –
وَ رَحَلْتُ ؛ وَ الْعَيْشُ الْكَرِيْمُ شِعَاْرِيْ
أَبْحَرْتُ فِيْ بَحْرِ الْهُمُوْمِ ، وَ لَمْ أَزَلْ
- يَاْ نَاْسُ - مَجْبُوْراً عَلَى الإِبْحَاْرِ
وَ الذِّكْرَيَاْتُ تَطُوْفُ حَوْلِي بَعْدَ مَاْ
فَاْرَقْتُ أَغْلَىْ الدُّوْرِ ؛ وَ الدَّيَّاْرِ
30 : وَ سَمِعْتُ – مِنْ أُمِّيْ - كَلاْماً طَيِّباً
كَالشَّهْدِ يَجْرِيْ مِنْ عُيُوْنِ جِرَاْرِ
لَمَّاْ وَقَفْنَاْ لِلْوَدَاْعِ ؛ وَ لَمْ نَكُنْ
نَبْكِيْ كَمَنْ يَبْكِيْ عَلَى الدِّيْنَاْرِ
لَكِّنَّنَاْ كُنَّاْ نَرَىْ أَوْطَاْنَنَاْ
تُكْوَىْ بِنَاْرِ الْخّاْئِنِ الْغَدَّاْرِ
تُشْوَىْ ؛ وَ مَاْ مِنْ فُرْصَةٍ لِمُخَلِّصٍ
أَوْ ثَاْئِرٍ شَهْمٍ مِنَ الثُّوَّاْرِ
وَ تَوَاْلَتِ الأَعْوَاْمُ - بَعْدَ فِرَاْقِنَاْ -
و غَرِقْتُ فِيْ بَحْرٍ مِنَ الأَخْطَاْرِ
وَ مَضَتْ ثَلاثٌ ، ثُمَّ سَبْعٌ ، بَعْدَهَاْ
عَشْرٌ ، وَ قَلْبِيْ فِيْ دِيَاْرِ بَوَاْرِ
عُشْرُوْنَ عَاْماً ، وَ الأُمُوْمَةُ تَشْتَكِيْ
مِنْ شِدَّةِ الإِرْهَاْبِ لِلأَحْرَاْرِ
عُشْرُوْنَ عَاْماً !! كَالطَّرِيْدِ مُهَجَّراً
فِيْ عَاْلَمِ الْحَدَّاْدِ وَ الْبِيْطَاْرِ
لاْ أَسْتَطِيْعُ زِيَاْرَةَ الْوَطَنِ الَّذِيْ
أَضْحَىْ ضَحِيَّةَ عُصْبَةِ الْجَزَّاْرِ
بَطَشَتْ بِشَعْبِهِ طُغْمَةٌ هَمَجِيَّةٌ
وَ تَبَجَّحَتْ بِفَظَاْعَةِ الأَوْزَاْرِ
40 : سَجَنَتْ سُرَاْةَ شُعُوْبِنَاْ بِشُيُوْخِهِمِ
وَ شَبَاْبِهِمْ فِيْ أَسْوَإِ الأَوْكَاْرِ
وَ تَفَرَّقَ الشَّمْلُ الْحَبِيْبُ ، وَ هَاْجَرَتْ
– مِنَّا - الأُلُوْفُ كَهِجْرَةِ الأَطْيَاْرِ
لَكِنَّ بَعْضَ الطَّيْرِ يَرْجِعُ حِيْنَمَاْ
يَأْتِي الرَّبِيْعُ بِحُلَّةِ الأَشْجَاْرِ
وَ تَمُوْتُ آلاْفُ الطُّيُوْرِ – غَرِيْبَةً !!
مَنْسِيَّةً - بِحَدَاْئِقِ الأَزْهَاْرِ
أَمَّاْ أَنَاْ ؛ فَقَدِ ابْتَعَدْتُ ، وَ لَمْ أَمُتْ
لَكِنَّنِيْ كَالْغُصْنِ دُوْنَ ثِمَاْرِ !!
كَالْغُصْنِ ؛ وَ الأَعْوَاْمُ تَنْشُرُ أَضْلُعِيْ
وَ الْغُصْنُ لاْ يَقْوَىْ عَلَى الْمِنْشَاْرِ
فَرْداً حَزِنْتُ ، وَ مَاْ فَرِحْتُ ، وَ لاْ أَتَىْ
خَبَرٌ يُفَرِّجُ كُرْبَةَ الْمُحْتَاْرِ
وَ غَرِقْتُ فِي الأَحْزَاْنِ - بَعْدَ تَفَاْؤُلِيْ -
فَهَتَفْتُ بِالطَّبَّاْلِ ؛ وَ الزَّمَّاْرِ :
كُفَّاْ ؛ فَمَاْ قَرْعُ الطُّبُوْلِ بِنَاْفِعٍ
– أَبَداً – وَ لاْ التَّزْمِيْرُ بِالْمِزْمَاْرِ
إِنِّيْ سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاْةِ ، وَ مَاْ بِهَاْ
مِنْ كَثْرَةِ الأَخْطَاْرِ وَ الإِخْطَاْرِ
50 : وَ فَقَدْتُ أُمِيْ نَاْئِياً ، وَ مُهَجَّراً
فِيْ لُجَّةِ الإِحْبَاْطِ ؛ وَ الإِصْرَاْرِ
فَأَضَعْتُ بُوْصِلَةَ النَّجَاْةِ ؛ بِفَقْدِهَاْ
وَ فَقَدْتُ يَنْبُوْعاً مِنَ الإِيْثَاْرِ
وَ رَجَعْتُ كَالطِّفْلِ الصَّغِيْرِ – مُوَلْوِلاً -
أَتَجَنَّبُ الأَمْوَاْجَ كَالْبَحَّاْرِ
لَكِنَّ مَوْجَ الْحُزْنِ أَغْرَقَ مَرْكَبِيْ
وَ تَحَطَّمَ الْمِجْدَاْفُ ؛ بَعْدَ الصَّاْرِيْ
وَ فَقَدْتُ مَنْ فَجَعَ الأَحِبَّةَ مَوْتُهَاْ
وَ الْمَوْتُ حَقٌّ ؛ مَاْ بِهِ مِنْ عَاْرِ
لَكِنَّهُ مُرٌّ ؛ يُفَرِّقُ شَمْلَنَاْ
بِصَرَاْمَةٍ ؛ كَالصَّاْرِمِ الْبَتَّاْرِ
فَصَرَخْتُ : وَاْ أُمَّاْهُ !! وَ ارْتَدَّ الصَّدَىْ
مُتُفَاْوِتَ الإِخْفَاْءِ ؛ وَ الإِظْهَاْرِ
و بَكَيْتُ مَجْرُوْحَ الْفُؤَآدِ ؛ مُنَاْجِياً:
أُمِّيْ ، بِدَمْعٍ نَاْزِفٍ مِدْرَاْرِ
لاَ أَرْتَجِيْ أُماًّ سِواكِ ؛ وَ لَيْسَ لِيْ
إِلآكِ مِنْ عَوْنٍ ؛ وَ مِنْ أَنْصَاْرِ
و أَعَدْتُ : وا أُمَّاْهُ !! دُوْنَ إِجَاْبَةٍ
تُغْنِيْ عَنِ الأَبْرَاْرِ ، وَ الأَشْرَاْرِ
60 : وَ غَرِقْتُ فِي الْحَسَرَاْتِ ؛ بَعْدَ فِرَاْقِهَاْ
- فَرْداً - وَ لَمْ أَسْمَرْ مَعَ السُّمَّاْرِ
فَرْداً ؛ غَرِيْبَاً ؛ نَاْئِياً ؛ وَ مُهَجَّراً ؛
وَ مُطَوَّقاً بِوَسَاْئِلِ الإِنْذَاْرِ
لَكِّنَّنِيْ مِنْ أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ
مَحْمُوْدَةِ الإِيْرَاْدِ ؛ وَ الإِصْدَاْرِ
غَدَرَ الزَّمَاْنُ بِهَاْ ، وَ فَرَّقَ شَمْلَهَاْ
فِي الْكَوْنِ بَيْنَ حَوَاْضِرٍ ؛ وَ قِفَاْرِ
وَ طَغَتْ عَلَيْهَاْ الْحَاْدِثَاْتُ ؛ فَكَسَّرَتْ
مِنْ شَعْبِهَا؛ الْفَخَاْرَ بَالْفَخَّاْرِ
هِيَ أُمَّةٌ !! شَاْهَدْتُهَاْ مَقْتُوْلَةً
مَاْ بَيْنَ رِعْدِيْدٍ ؛ وَ وَحْشٍ ضَاْرِ
هِيَ أُمَّةٌ عَرَبِيَّةٌ ؛ قَدْ سَلَّمَتْ
مَحْصُوْلَ مَاْ زَرَعَتْ إِلَى النُّظَّاْرِ
فَتَقَاْسَمَ النُّظَّاْرُ زَهْرَ تُرَاْثِهَاْ
بِمَشَاْرِطِ الأَنْيَاْبِ ؛ وَ الأَظْفَاْرِ
حَتَّىْ إِذَاْ وَقَعَ الْبَلاْءُ ؛ وَ خُدِّرَتْ
بِالسِّحْرِ ، وَ انْقَاْدَتْ إِلَى السَّحَّاْرِ
قَاْمَتْ جُمُوْعُ الأُمَّهَاْتِ إِلَى الْوَغَىْ
ثَكْلَى الْقُلُوْبِ ، قَوِيَّةَ الإِصْرَاْرِ
70 : فَدُمُوْعُهَنْ : جَدَاْوِلٌ رَقْرَاْقَةٌ
وَ جُيُوْبُهُنَّ : مَنِيْعَةُ الأَزْرَاْرِ
وَ قُلُوْبُهُنَّ : مَشَاْعِلٌ وَضَّاْءةٌ
وَ وُجُوْهُهُنَّ : جَلِيْلَةُ الإِسْفَاْرِ
يَصْنَعْنَ - مِنْ جُبْنِ الرِّجَاْلِ - شَجَاْعَةً
مَمْزُوْجَةً بِجَسَاْرَةِ الْمِغْوَاْرِ
مِنْهُنَّ أُمِّيْ ، وَ الأُمُوْمَةُ نِعْمَةٌ
عُلْوِيَّةٌ تَعْلُوْ عَلَى الأَطْوَاْرِ
لَمْ أَدْرِ ؛ كَيْفَ فَقَدْتُهَاْ ؟ فِيْ غُرْبَةٍ
مَرْفُوْضَةٍ ؛ طَاْلَتْ وَرَاْءَ بِحَاْرِ
لَكِنَّنِيْ أَحْسَسْتُ أَنَّ خَيَاْلَهَاْ
كَالنُّوْرِ - يُوْمِضُ دَاْئِماً - بِجِوَاْرِيْ
و يُنِيْرُ لِيْ دَرْبَ الْهِدَاْيَةِ ؛ وَ التُّقَىْ
وَ مَنَاْقِبَ الْعُبْدَاْنِ ؛ وَ الأحْرَاْرِ
وَ يَقُوْلُ لِيْ : مَاْزِلْتُ أَحْيَاْ بَيْنَكُمْ
– سِراًّ - وَ أَسْتَعْصِيْ عَلَى الأَبْصَاْرِ
لَكِنَّ أَصْحَاْبَ الْبَصَاْئِرِ قَدْ رَأَوْا
– بالسِّرِّ - مَا اسْتَخْفَىْ مِنَ الأَسْرَاْرِ
فَأَجَبْتُ : فِعْلاً ؛ قَدْ شَعَرْتُ بِطَيْفِهَاْ
كَنَسَاْئِمِ الْفِرْدَوْسِ فِي الأَسْحَاْرِ
80 : وَ أَنَاْرَ لِيْ كُلَّ الدُّرُوْبِ ؛ وَ أَسْفَرَتْ
شَمْسٌ تُشِعُّ النُّوْرَ فِي الأقْمَاْرِ
أَنْوَاْرُ أُمِّيْ لاْ تُحَدُّ - كَحُبِّهَاْ
وَ حَنَاْنِهَاْ - بِمَنَاْعَةِ الأَسْوَاْرِ
أُمِّي تَسِيْرُ بِجَاْنِبِيْ - في غُربتي -
و تُنِيْرُ لِيْ طُرُقاً بِكُلِّ مَسَاْرِ
تَجْتَاْزُ حُرَّاْسَ الْحُدُوْدِ ؛ حَنُوْنَةً
و تُبَدِّدُ الأَوْهَاْمَ بِالأَنْوَاْرِ
وَ تَبُثُّ - فِيْ رَوْعِيْ - ثَبَاْتاً مُطْلَقاً
بِعَدَاْلَةِ اللهِ ؛ الرَّحِيْمِ ؛ الْبَاْرِيْ
وَ تُلَطِّفُ الْحُزنَ الْمُخَيِّمَ بَعْدَ مَاْ
سَاْلَتْ دُمُوْعُ الْقَوْمِ كَالتَّيَّاْرِ
وَ تُنِيْرُ لِيْ دَرْباً ؛ وَ لَيْلاً مُظْلِماً
عِنْدَ اضْطِرَاْبِيْ ، وَ اضْطِرَاْبِ قَرَاْرِيْ
ضَاْءتْ - بِنُوْرِ اللهِ جَلَّ جَلاْلُهُ -
كَالْفَجْرِ ؛ وَ انْطَلَقَتْْ مَعَ الأَطْيَاْرِ
لِتَصُوْغَ مَلْحَمَةَ الْوَفَاْءِ – مِنَ الْهُدَىْ -
حَتَّىْ يَصِيْرَ اللَّيْلُ مِثْلَ نَهَاْرِ
فَأَرَىْ دُرُوْبَ الْحَقِّ - بَعْدَ ضَلاْلَةٍ -
مَكْشُوْفَةً ؛ تَبْدُوْ بِلاْ أَسْتَاْرِ
90 : لأَسِيْرَ فِيْ دَرْبِ الْهِدَاْيَةِ – حَسْبَمَاْ
رَسَمَتْهُ أُمِّيْ - رغْمَ كُلِّ غُبَاْرِ
فَالأُمُّ - فِيْ لَيْلِ الْمَكَاْرِهِ - شُعْلَةٌ
وَ الأُمُّ يَنْبُوْعٌ لِكُلِّ فَخَاْرِ
وَ الأُمُّ - فِي الْلَيْلِ الْبَهِيْمِ - مَنَاْرَةٌ
تَحْنُوْ عَلَى الْوَلَدِ الْغَرِيْبِ السَّاْرِيْ
وَ الأُمُّ - إِنْ بَخِلَ الْجَمِيْعُ -كَرِيْمَةٌ
وَ عَطَاْؤُهَاْ مُتَوَاْصِلُ الأَطْوَاْرِ
لَكِنَّ مَوْتَ الأُمِّ ؛ يُعْقِبُ - فِي الْحَشَاْ
والْقَلْبِ - شُعْلَةَ مَاْرِجٍ مِنْ نَاْرِ
كَمْ كُنْتُ أَرْجُوْ أَنْ أُقَبِّلَ قَبْرَهَاْ
وَ أَخِرَّ مَغْشِيًّا عَلَى الأَحْجَاْرِ
لأُخَبِّرَ الأُمَّ الْحَنُوْنَ بِأَنَّنِيْ
- مِنْ بَعْدِهَاْ - الْمَفْؤُوْدُ دُوْنَ عَقَاْرِ
صَاْرَتْ حَيَاْتِيْ - بَعْدَ أُمِّيْ - مَسْرَحاً
لِلدَّمْعِ ؛ وَ الآهَاْتِ ؛ وَ التَّذْكَاْرِ
أُمَّاْهُ !! طَيْفُكِ - دَاْئِماً - يَحْيَاْ مَعِيْ
وَ يَقُوْلُ لِيْ : جَاْهِدْ مَعَ الأَطْهَاْرِ
فَلِذَاْ سَأَبْقَىْ مَاْ حَيِيْتُ مُجَاْهِداً
عَسْفَ الطُّغَاْةِ ، وَ بَاْطِلَ الْفُجَّاْرِ
100 : أَنَا لَنْ أُسَاْوِمَ ؛ إِنْ تَفَاْوَضَ بَاْئِعٌ
مَهْمَا تَنَاْزَلَ سَاْدَةُ السِّمْسَاْرِ
إِنَّ الْوَفَاْءَ - لِرُوْحِ أُمِّيْ - يَقْتَضِيْ
حِفْظَ الْحُقُوْقِ بِهِمَّةٍ ؛ وَ وَقَاْرِ
وَ لِرُوْحِهَاْ مِنِّي التَّحِيَّةُ كُلَّمَاْ
لَمَعَتْ سُيَوْفُ الْحَقِّ بِالْمِضْمَاْرِ
وَ لِرُوْحِهَاْ مِنِّي التَّحِيَّةُ كُلَّمَاْ
جَاْدَتْ غُيُوْمُ الْحُبِّ بِالأَمْطَاْرِ
وَ لِرُوْحِهَاْ ؛ رُوْحِيْ الْفِدَاْءُ ؛ لِتُفْتَدَىْ
مَرْفُوْعَةَ الأَعْلاْمِ ؛ وَ الأَكْوَاْرِ
105 : أُمِّي الْقَرِيْبَةُ – مِنْ فُؤَآدِيَ - دَاْئِماً
لَمْ يَنْفِهَاْ نَفْيٌ ، وَ بُعْدُ مَزَاْرِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتنا الغوالي :
أن من تراثنا الأسلامي هو العدل .. ومن كبار رجالات الأسلام القيادية
السلطان العثماني العادل سليمان القانوني ..
ووقعت عيني على أحدى روائع أدبياته ,, وهي يوم وفاة أمه رحمها الله..
وهذه كلماتها ..
نَزَلَ الأَسَىْ فَوْقَ الأَسَىْ بِدِيَاْرِيْ
وَ امْتَدََّ كَالطُّوْفَاْنِ ؛كَالإعْصَاْرِ
فَجَدَاْوِلُُ الدَّمْعِ الْغَزِيْرِ كَثِيْرَةٌ
تَجْرِيْ عَلَى الْوَجنَاْتِ كَالأَنْهَاْرِ
وَ بِكُلِّ عَيْنٍ عَيْنُ دَمْعٍ لَوْنُهَاْ
يُغْنِيْ عَنِ الإِعْلاْنِ ؛ وَ الإِسْرَاْرِ
فَعِبَاْرَةُ الدَّمْعِ الْهَتُوْنِ بَلِيْغَةٌ
وَ فَصِيْحَةُ الأَخْبَاْرِ ؛ وَ الأَشْعَاْرِ
تَرْوِيْ تَفَاْصِيْلَ الْحِكايةِ جَهْرَةً
وَ تُذِيْبُ قَلْبَ الصَّاْبِرِ الْجَبَّاْرِ
وَ تُوحِّدُ الإِدْرَاْكَ رَغْمَ تَبَايُنٍ
بِمَشَاْعِرِ الأَهْلِيْنَ ؛ وَ الزُّوَّاْرِ
فَتَسُوْدُ حالاتُ الذُّهُوْلِ ؛ لِمَاْ جَرَىْ
أَوْ شَاْعَ بَيْنَ النَّاْسِ مِنْ أَخْبَاْرِ
وَ يَلُوْذُ بَعْضُ النَّاْسِ بِالسَّرْدِ الَّذِيْ
غَطَّىْ عَلَىْ مَاْ جَاْءَ فِي الأَسْفَاْرِ
فَيُصَوِّرُوْنَ نَوَاْزِلَ الْمَوْتِ الَّتِيْ
تُنْبِيْ عَنِ الْمَكْتُوْبِ فِي الأَقْدَاْرِ
10 : وَ الْمَوْتُ حَقٌّ ، وَ الْحَيَاْةُ قَصِيْرَةٌ
مَهْمَا اسْتَطَاْلَتْ مُدَّةُ الأَعْمَاْرِ
كَمْ أَخْبَرَ الرُّكْبَاْنُ عَنْهُ ؛ وَ حَدَّثُواْ
عَنْ مُقْلَةٍ عَبْرَىْ ؛ وَ دَمْعٍ جَاْرِ
مَاْ بَيْنَ صَرْخَةِِ مَوْلِدٍ فِيْ فَرْحَةٍ
وَ عَوِيْلِ نَاْدِبَةٍ ، وَ شَقِّ إِزَاْرِ
مَاْ بَيْنَ بَاْكِيَةٍ ؛ وَ بَاْكٍ بَعْدَ مَاْ
نَفِذَ الْقَضَاْءُ ؛ بِغَيْرِ مَاْ إِشْعَاْرِ
نَفِذَ الْقَضَاْءُ ، فَلَمْ تُكَفْكَفْ دَمْعَةٌ
فَيَّاْضَةٌ مِنْ أَدْمُعِ الأَبْرَاْرِ
دَمْعُ الْعُيُوْنِ عَلَى الْخُدُوْدِ قَصَاْئِدٌ
تُتْلَىْ عَلَى الْجَدَّاْتِ ؛ وَ الأَبْكَاْرِ
وَ النَّاْسُ تَلْهُوْ ، أَوْ تُفَكِّرُ ؛ إِنَّمَاْ
حُكْمُ الْقَضَاْءِ يُطِيْحُ بِالأَفْكَاْرِ
وَ يُحَوِّلُ الْفَرَحَ الْمُغَرِّدَ مَأْتَماً
يَرْمِيْ قُلُوْبَ النَّاْسِ فِي الأَعْشَاْرِ
يَرْمِي الْقُلُوْبَ بِغُصَّةٍ فَتَّاْكَةٍ
مَكْشُوْفَةٍ عُظْمَىْ بِغَيْرِ سِتَاْرِ
فَإِذَاْ بِأَلْحَاْنِ الْقُلُوْبِ حَزِيْنَةٌ
وَ الْحُزْنُ يُشْجِيْ نَغْمَةَ الأَوْتَاْرِ
20 : وَ يُبَدِّلُ الَّلحْنَ الطَّرُوْبَ مَنَاْحَةً
و يُنَغِّصُ الأَفْرَاْحَ بِالأَكْدَاْرِ
وَ يُشَتِّتُ الشَّمْلَ الْمُجَمَّعَ – فَجْأَةً -
بِجُمُوْعِهِ ، وَ بِجَيْشِهِ الْجَرَّاْرِ
و يُحَيِّرُ الْعَلَمَ الْحَلِيْمَ بِحِلْمِهْ
فَيَجُوْلُ كَالذَّرَاْتِ فِي الإِعْصَاْرِ
وَ يُكَاْبِدُ الآلاْمَ - فيْ أَحْزَاْنِهِ -
مُتَضَاْرِبَ الأَفْكَاْرِ فِي الدَّوَاْرِ
وَ يَقُوْلُ أَقْوَاْلاً - لِيَشْرَحَ مَاْ جَرَىْ -
بِالسِّرِّ ؛ وَ الإِعْلاْنِ ؛ بِالتَّكْرَاْرِ
وَ يُجَسِدُ الْحَدَثَ الأَلِيْمَ بِقَوْلِهِ :
- لِجَمَاْعَةِ الْغُيَّاْبِ و الْحُضَّاْرِ –
صَمْتاً ؛ سَأَشْرَحُ مَاْ لَقِيْتُ ؛ وَ مَاْ جَرَىْ
فِيْ عَاْلَمِ الْعُقَلاْءِ ؛ وَ الأَغْمَاْرِ
قَبَّلْتُ أُمِّيْ – حِيْنَمَاْ وَدَّعْتُهَاْ –
وَ رَحَلْتُ ؛ وَ الْعَيْشُ الْكَرِيْمُ شِعَاْرِيْ
أَبْحَرْتُ فِيْ بَحْرِ الْهُمُوْمِ ، وَ لَمْ أَزَلْ
- يَاْ نَاْسُ - مَجْبُوْراً عَلَى الإِبْحَاْرِ
وَ الذِّكْرَيَاْتُ تَطُوْفُ حَوْلِي بَعْدَ مَاْ
فَاْرَقْتُ أَغْلَىْ الدُّوْرِ ؛ وَ الدَّيَّاْرِ
30 : وَ سَمِعْتُ – مِنْ أُمِّيْ - كَلاْماً طَيِّباً
كَالشَّهْدِ يَجْرِيْ مِنْ عُيُوْنِ جِرَاْرِ
لَمَّاْ وَقَفْنَاْ لِلْوَدَاْعِ ؛ وَ لَمْ نَكُنْ
نَبْكِيْ كَمَنْ يَبْكِيْ عَلَى الدِّيْنَاْرِ
لَكِّنَّنَاْ كُنَّاْ نَرَىْ أَوْطَاْنَنَاْ
تُكْوَىْ بِنَاْرِ الْخّاْئِنِ الْغَدَّاْرِ
تُشْوَىْ ؛ وَ مَاْ مِنْ فُرْصَةٍ لِمُخَلِّصٍ
أَوْ ثَاْئِرٍ شَهْمٍ مِنَ الثُّوَّاْرِ
وَ تَوَاْلَتِ الأَعْوَاْمُ - بَعْدَ فِرَاْقِنَاْ -
و غَرِقْتُ فِيْ بَحْرٍ مِنَ الأَخْطَاْرِ
وَ مَضَتْ ثَلاثٌ ، ثُمَّ سَبْعٌ ، بَعْدَهَاْ
عَشْرٌ ، وَ قَلْبِيْ فِيْ دِيَاْرِ بَوَاْرِ
عُشْرُوْنَ عَاْماً ، وَ الأُمُوْمَةُ تَشْتَكِيْ
مِنْ شِدَّةِ الإِرْهَاْبِ لِلأَحْرَاْرِ
عُشْرُوْنَ عَاْماً !! كَالطَّرِيْدِ مُهَجَّراً
فِيْ عَاْلَمِ الْحَدَّاْدِ وَ الْبِيْطَاْرِ
لاْ أَسْتَطِيْعُ زِيَاْرَةَ الْوَطَنِ الَّذِيْ
أَضْحَىْ ضَحِيَّةَ عُصْبَةِ الْجَزَّاْرِ
بَطَشَتْ بِشَعْبِهِ طُغْمَةٌ هَمَجِيَّةٌ
وَ تَبَجَّحَتْ بِفَظَاْعَةِ الأَوْزَاْرِ
40 : سَجَنَتْ سُرَاْةَ شُعُوْبِنَاْ بِشُيُوْخِهِمِ
وَ شَبَاْبِهِمْ فِيْ أَسْوَإِ الأَوْكَاْرِ
وَ تَفَرَّقَ الشَّمْلُ الْحَبِيْبُ ، وَ هَاْجَرَتْ
– مِنَّا - الأُلُوْفُ كَهِجْرَةِ الأَطْيَاْرِ
لَكِنَّ بَعْضَ الطَّيْرِ يَرْجِعُ حِيْنَمَاْ
يَأْتِي الرَّبِيْعُ بِحُلَّةِ الأَشْجَاْرِ
وَ تَمُوْتُ آلاْفُ الطُّيُوْرِ – غَرِيْبَةً !!
مَنْسِيَّةً - بِحَدَاْئِقِ الأَزْهَاْرِ
أَمَّاْ أَنَاْ ؛ فَقَدِ ابْتَعَدْتُ ، وَ لَمْ أَمُتْ
لَكِنَّنِيْ كَالْغُصْنِ دُوْنَ ثِمَاْرِ !!
كَالْغُصْنِ ؛ وَ الأَعْوَاْمُ تَنْشُرُ أَضْلُعِيْ
وَ الْغُصْنُ لاْ يَقْوَىْ عَلَى الْمِنْشَاْرِ
فَرْداً حَزِنْتُ ، وَ مَاْ فَرِحْتُ ، وَ لاْ أَتَىْ
خَبَرٌ يُفَرِّجُ كُرْبَةَ الْمُحْتَاْرِ
وَ غَرِقْتُ فِي الأَحْزَاْنِ - بَعْدَ تَفَاْؤُلِيْ -
فَهَتَفْتُ بِالطَّبَّاْلِ ؛ وَ الزَّمَّاْرِ :
كُفَّاْ ؛ فَمَاْ قَرْعُ الطُّبُوْلِ بِنَاْفِعٍ
– أَبَداً – وَ لاْ التَّزْمِيْرُ بِالْمِزْمَاْرِ
إِنِّيْ سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاْةِ ، وَ مَاْ بِهَاْ
مِنْ كَثْرَةِ الأَخْطَاْرِ وَ الإِخْطَاْرِ
50 : وَ فَقَدْتُ أُمِيْ نَاْئِياً ، وَ مُهَجَّراً
فِيْ لُجَّةِ الإِحْبَاْطِ ؛ وَ الإِصْرَاْرِ
فَأَضَعْتُ بُوْصِلَةَ النَّجَاْةِ ؛ بِفَقْدِهَاْ
وَ فَقَدْتُ يَنْبُوْعاً مِنَ الإِيْثَاْرِ
وَ رَجَعْتُ كَالطِّفْلِ الصَّغِيْرِ – مُوَلْوِلاً -
أَتَجَنَّبُ الأَمْوَاْجَ كَالْبَحَّاْرِ
لَكِنَّ مَوْجَ الْحُزْنِ أَغْرَقَ مَرْكَبِيْ
وَ تَحَطَّمَ الْمِجْدَاْفُ ؛ بَعْدَ الصَّاْرِيْ
وَ فَقَدْتُ مَنْ فَجَعَ الأَحِبَّةَ مَوْتُهَاْ
وَ الْمَوْتُ حَقٌّ ؛ مَاْ بِهِ مِنْ عَاْرِ
لَكِنَّهُ مُرٌّ ؛ يُفَرِّقُ شَمْلَنَاْ
بِصَرَاْمَةٍ ؛ كَالصَّاْرِمِ الْبَتَّاْرِ
فَصَرَخْتُ : وَاْ أُمَّاْهُ !! وَ ارْتَدَّ الصَّدَىْ
مُتُفَاْوِتَ الإِخْفَاْءِ ؛ وَ الإِظْهَاْرِ
و بَكَيْتُ مَجْرُوْحَ الْفُؤَآدِ ؛ مُنَاْجِياً:
أُمِّيْ ، بِدَمْعٍ نَاْزِفٍ مِدْرَاْرِ
لاَ أَرْتَجِيْ أُماًّ سِواكِ ؛ وَ لَيْسَ لِيْ
إِلآكِ مِنْ عَوْنٍ ؛ وَ مِنْ أَنْصَاْرِ
و أَعَدْتُ : وا أُمَّاْهُ !! دُوْنَ إِجَاْبَةٍ
تُغْنِيْ عَنِ الأَبْرَاْرِ ، وَ الأَشْرَاْرِ
60 : وَ غَرِقْتُ فِي الْحَسَرَاْتِ ؛ بَعْدَ فِرَاْقِهَاْ
- فَرْداً - وَ لَمْ أَسْمَرْ مَعَ السُّمَّاْرِ
فَرْداً ؛ غَرِيْبَاً ؛ نَاْئِياً ؛ وَ مُهَجَّراً ؛
وَ مُطَوَّقاً بِوَسَاْئِلِ الإِنْذَاْرِ
لَكِّنَّنِيْ مِنْ أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ
مَحْمُوْدَةِ الإِيْرَاْدِ ؛ وَ الإِصْدَاْرِ
غَدَرَ الزَّمَاْنُ بِهَاْ ، وَ فَرَّقَ شَمْلَهَاْ
فِي الْكَوْنِ بَيْنَ حَوَاْضِرٍ ؛ وَ قِفَاْرِ
وَ طَغَتْ عَلَيْهَاْ الْحَاْدِثَاْتُ ؛ فَكَسَّرَتْ
مِنْ شَعْبِهَا؛ الْفَخَاْرَ بَالْفَخَّاْرِ
هِيَ أُمَّةٌ !! شَاْهَدْتُهَاْ مَقْتُوْلَةً
مَاْ بَيْنَ رِعْدِيْدٍ ؛ وَ وَحْشٍ ضَاْرِ
هِيَ أُمَّةٌ عَرَبِيَّةٌ ؛ قَدْ سَلَّمَتْ
مَحْصُوْلَ مَاْ زَرَعَتْ إِلَى النُّظَّاْرِ
فَتَقَاْسَمَ النُّظَّاْرُ زَهْرَ تُرَاْثِهَاْ
بِمَشَاْرِطِ الأَنْيَاْبِ ؛ وَ الأَظْفَاْرِ
حَتَّىْ إِذَاْ وَقَعَ الْبَلاْءُ ؛ وَ خُدِّرَتْ
بِالسِّحْرِ ، وَ انْقَاْدَتْ إِلَى السَّحَّاْرِ
قَاْمَتْ جُمُوْعُ الأُمَّهَاْتِ إِلَى الْوَغَىْ
ثَكْلَى الْقُلُوْبِ ، قَوِيَّةَ الإِصْرَاْرِ
70 : فَدُمُوْعُهَنْ : جَدَاْوِلٌ رَقْرَاْقَةٌ
وَ جُيُوْبُهُنَّ : مَنِيْعَةُ الأَزْرَاْرِ
وَ قُلُوْبُهُنَّ : مَشَاْعِلٌ وَضَّاْءةٌ
وَ وُجُوْهُهُنَّ : جَلِيْلَةُ الإِسْفَاْرِ
يَصْنَعْنَ - مِنْ جُبْنِ الرِّجَاْلِ - شَجَاْعَةً
مَمْزُوْجَةً بِجَسَاْرَةِ الْمِغْوَاْرِ
مِنْهُنَّ أُمِّيْ ، وَ الأُمُوْمَةُ نِعْمَةٌ
عُلْوِيَّةٌ تَعْلُوْ عَلَى الأَطْوَاْرِ
لَمْ أَدْرِ ؛ كَيْفَ فَقَدْتُهَاْ ؟ فِيْ غُرْبَةٍ
مَرْفُوْضَةٍ ؛ طَاْلَتْ وَرَاْءَ بِحَاْرِ
لَكِنَّنِيْ أَحْسَسْتُ أَنَّ خَيَاْلَهَاْ
كَالنُّوْرِ - يُوْمِضُ دَاْئِماً - بِجِوَاْرِيْ
و يُنِيْرُ لِيْ دَرْبَ الْهِدَاْيَةِ ؛ وَ التُّقَىْ
وَ مَنَاْقِبَ الْعُبْدَاْنِ ؛ وَ الأحْرَاْرِ
وَ يَقُوْلُ لِيْ : مَاْزِلْتُ أَحْيَاْ بَيْنَكُمْ
– سِراًّ - وَ أَسْتَعْصِيْ عَلَى الأَبْصَاْرِ
لَكِنَّ أَصْحَاْبَ الْبَصَاْئِرِ قَدْ رَأَوْا
– بالسِّرِّ - مَا اسْتَخْفَىْ مِنَ الأَسْرَاْرِ
فَأَجَبْتُ : فِعْلاً ؛ قَدْ شَعَرْتُ بِطَيْفِهَاْ
كَنَسَاْئِمِ الْفِرْدَوْسِ فِي الأَسْحَاْرِ
80 : وَ أَنَاْرَ لِيْ كُلَّ الدُّرُوْبِ ؛ وَ أَسْفَرَتْ
شَمْسٌ تُشِعُّ النُّوْرَ فِي الأقْمَاْرِ
أَنْوَاْرُ أُمِّيْ لاْ تُحَدُّ - كَحُبِّهَاْ
وَ حَنَاْنِهَاْ - بِمَنَاْعَةِ الأَسْوَاْرِ
أُمِّي تَسِيْرُ بِجَاْنِبِيْ - في غُربتي -
و تُنِيْرُ لِيْ طُرُقاً بِكُلِّ مَسَاْرِ
تَجْتَاْزُ حُرَّاْسَ الْحُدُوْدِ ؛ حَنُوْنَةً
و تُبَدِّدُ الأَوْهَاْمَ بِالأَنْوَاْرِ
وَ تَبُثُّ - فِيْ رَوْعِيْ - ثَبَاْتاً مُطْلَقاً
بِعَدَاْلَةِ اللهِ ؛ الرَّحِيْمِ ؛ الْبَاْرِيْ
وَ تُلَطِّفُ الْحُزنَ الْمُخَيِّمَ بَعْدَ مَاْ
سَاْلَتْ دُمُوْعُ الْقَوْمِ كَالتَّيَّاْرِ
وَ تُنِيْرُ لِيْ دَرْباً ؛ وَ لَيْلاً مُظْلِماً
عِنْدَ اضْطِرَاْبِيْ ، وَ اضْطِرَاْبِ قَرَاْرِيْ
ضَاْءتْ - بِنُوْرِ اللهِ جَلَّ جَلاْلُهُ -
كَالْفَجْرِ ؛ وَ انْطَلَقَتْْ مَعَ الأَطْيَاْرِ
لِتَصُوْغَ مَلْحَمَةَ الْوَفَاْءِ – مِنَ الْهُدَىْ -
حَتَّىْ يَصِيْرَ اللَّيْلُ مِثْلَ نَهَاْرِ
فَأَرَىْ دُرُوْبَ الْحَقِّ - بَعْدَ ضَلاْلَةٍ -
مَكْشُوْفَةً ؛ تَبْدُوْ بِلاْ أَسْتَاْرِ
90 : لأَسِيْرَ فِيْ دَرْبِ الْهِدَاْيَةِ – حَسْبَمَاْ
رَسَمَتْهُ أُمِّيْ - رغْمَ كُلِّ غُبَاْرِ
فَالأُمُّ - فِيْ لَيْلِ الْمَكَاْرِهِ - شُعْلَةٌ
وَ الأُمُّ يَنْبُوْعٌ لِكُلِّ فَخَاْرِ
وَ الأُمُّ - فِي الْلَيْلِ الْبَهِيْمِ - مَنَاْرَةٌ
تَحْنُوْ عَلَى الْوَلَدِ الْغَرِيْبِ السَّاْرِيْ
وَ الأُمُّ - إِنْ بَخِلَ الْجَمِيْعُ -كَرِيْمَةٌ
وَ عَطَاْؤُهَاْ مُتَوَاْصِلُ الأَطْوَاْرِ
لَكِنَّ مَوْتَ الأُمِّ ؛ يُعْقِبُ - فِي الْحَشَاْ
والْقَلْبِ - شُعْلَةَ مَاْرِجٍ مِنْ نَاْرِ
كَمْ كُنْتُ أَرْجُوْ أَنْ أُقَبِّلَ قَبْرَهَاْ
وَ أَخِرَّ مَغْشِيًّا عَلَى الأَحْجَاْرِ
لأُخَبِّرَ الأُمَّ الْحَنُوْنَ بِأَنَّنِيْ
- مِنْ بَعْدِهَاْ - الْمَفْؤُوْدُ دُوْنَ عَقَاْرِ
صَاْرَتْ حَيَاْتِيْ - بَعْدَ أُمِّيْ - مَسْرَحاً
لِلدَّمْعِ ؛ وَ الآهَاْتِ ؛ وَ التَّذْكَاْرِ
أُمَّاْهُ !! طَيْفُكِ - دَاْئِماً - يَحْيَاْ مَعِيْ
وَ يَقُوْلُ لِيْ : جَاْهِدْ مَعَ الأَطْهَاْرِ
فَلِذَاْ سَأَبْقَىْ مَاْ حَيِيْتُ مُجَاْهِداً
عَسْفَ الطُّغَاْةِ ، وَ بَاْطِلَ الْفُجَّاْرِ
100 : أَنَا لَنْ أُسَاْوِمَ ؛ إِنْ تَفَاْوَضَ بَاْئِعٌ
مَهْمَا تَنَاْزَلَ سَاْدَةُ السِّمْسَاْرِ
إِنَّ الْوَفَاْءَ - لِرُوْحِ أُمِّيْ - يَقْتَضِيْ
حِفْظَ الْحُقُوْقِ بِهِمَّةٍ ؛ وَ وَقَاْرِ
وَ لِرُوْحِهَاْ مِنِّي التَّحِيَّةُ كُلَّمَاْ
لَمَعَتْ سُيَوْفُ الْحَقِّ بِالْمِضْمَاْرِ
وَ لِرُوْحِهَاْ مِنِّي التَّحِيَّةُ كُلَّمَاْ
جَاْدَتْ غُيُوْمُ الْحُبِّ بِالأَمْطَاْرِ
وَ لِرُوْحِهَاْ ؛ رُوْحِيْ الْفِدَاْءُ ؛ لِتُفْتَدَىْ
مَرْفُوْعَةَ الأَعْلاْمِ ؛ وَ الأَكْوَاْرِ
105 : أُمِّي الْقَرِيْبَةُ – مِنْ فُؤَآدِيَ - دَاْئِماً
لَمْ يَنْفِهَاْ نَفْيٌ ، وَ بُعْدُ مَزَاْرِ