
أخوتي و أخواتي الأعزاء في منتدى حب العرب، لو تخيلنا بأن هناكَ عجوزٌ تحكي لأحفادِها قصةً و هم متسمرونَ حولها في إحدى البيوتاتِ العتيقةِ المتهالكة الأساسِ و المتآكلةِ الجدران و هم يصغون إليها بشغفٍ، و تبدأ فتقول : كان يا ما كان في قريبِ العصرِ و الزمانِ، عن بلادٍ إسمها "ميزوبوتمايا" يتخللها نهرانِ رافدانِ. و كان يحكمها ملكٌ مستبدٌ لا يختلف في ذلكَ اثنان.و كانَ الناسُ يعيشونَ ضمنَ حدودٍ متفاوتةٍ بين البساطة و الرفاهية في العيشِ و لكنهم كانوا غارقينَ حتى آذانهم بنعمةٍ إسمها "الأمان"، كانت مدنُ هذهِ البلاد لا تنام حتى الصباح. و حركةُ القوافلِ و الناسِ تجوبُ البلاد لا تخشى قطاعَ الطرقِ و لا صعاليكَ الإنسِ و مردة الجان، و كانت خيراتُ هذه البلادَ نقمةً على أهلها و لأجلها سالَ لعابُ الطامعينَ على مرِ الأزمان.و طمعت بهم إمبراطوريةٌ في بلادِ الهنودِ الحمرِ ساستُها من رعاةِ البقرِ ممن يثيرونَ الرعبَ في الأوطان.و لم يشؤوا أن يقالَ عنهم غزاةٌ و معتدونَ و هم من أدعياءِ حقوقِ الإنسان. فتآمروا للنيلِ من هذهِ البلادِ، فقالوا عنها بأنها تملكُ أسلحةً مدمرةً مثل " المنجنيقِ و قاذفات اللهب و النيران" ، و تارةً أشاعوا بأنَ حاكمها متواطئٌ مع الخارجينَ على القانونِ من قطاعِ الطرقِ ممن يسطونَ على أموالِ القوافلِ و الركبانِ، و لم ينسَوا أن يُجَمِلوا صورةَ مؤامرتهم هذهِ فإدعوا بأنهم عازمونَ على منحِ الحريةِ لشعبِ هذه البلادِ التي استبدَ بها الجورُ و الطغيانُ، و في مثلِ هذا اليومَ قبلَ عشرِ سنوات دخلت أولى سرايا الجيشِ الغازي أبوابَ المدينةِ و بدخولهم هربَ الأمان. و حلَت الفوضى و تناسى منِ استبشرَ خيرا لهذا الغزوِ بأنَّ من جاءَ ليهدِم لن يصلِحَ البنيان، كالذئابِ إن حلت في قطيعِ الغنمِ لا خيرَ يُرتجى منها فهيَ و الخرابِ قرينانِ، و كم ملأت وعودَهم أسماعَ الورى بأنهم سيجعلونَ من بلادهم جنةً على الأرضِ يعجبُ لها الثقلانِ، و غفلوا عن حقيقةَ أنَّ الأرضةَ إن استعمرتِ الخشبَ يتهاوى الجذعُ و الأغصان، و أنَّ الوحوشَ الكواسرَ لا تتجرَدُ من طبعِها و إن أظهرتِ الوداعةَ و اللطفَ معَ الحملانِ، فأُزهِقَت أرواحُ الأبرياءِ و حاولَ المفجوعونَ من أهليهم إقناعَ أنفسِهم لوَهلةٍ بأنَّ هذهِ قرابينٌ لا بُدَ منها لأجلِ الحريةِ و اتخذوا منَ الصبرِ المريرِ عزاءاً لهُم و سلوان، و اليومَ يا أحفادي صرنا نتباكى على أيامِ ذلكَ الحاكمِ المستبدِ و نلعنُ هذهِ الحريةِ الممسوخةِ و نبصُقُ_عفواً_ في وجوهِ دعاةِ حقوقِ الإنسان. اليومَ نفتقِدُ الأمانَ في بيوتنا، ففي أي لحظةٍ يطرقُ البابَ إن لَم يكسرها أربابُ الشرِ و يسلبوا منا الأرواحَ و الأموالَ و الأبدان، و كُنّا في ما مضى نسيحُ في طولِ البلادِ و عرضها ليلاً و نهاراً، و اليومَ نلوذُ بالبيوتِ نوصدُ الأبوابَ و نلهَجُ بالدعاءِ و نُتَمتِمُ بالمعوذتَينِ و آيِ القرآن. و اليومَ نَمَت بُذورُ الخُلفِ و الشِقاقِ بينَ الطوائِفِ و الأعراقِ بِما يُنِذِرُ بسوءِ العاقبةِ و الخذلانِ. فتعالوا يا أحفادي نخاطبُ من أهدَونا لمسلخِ الحريةِ و سلبوا ثرواتَ بلادِنا و كانوا نَذيرَ شُؤمٍ منذُ ذلكَ الحينِ إلى الآن و لم يتوبوا من خطيئتهم الكبرى إلا إن كانوا قد نالوا مسبقاً صكوكَ الغفران!,و نقولُ لهم: أينَ أنتم من وعودكمُ الورديةِ ، أينَ أنتم من مبادئكمُ التي ألزمتم أنفسكم بِها أم أنها لم تكن سوى "كذبةَ أبريل/نيسان؟؟ّ!
بقلمي: 9/4/2013
التعديل الأخير: