ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ..
ﺭﺍﺣﺔ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻟﻴﺲ ﺃﺭﻳﺢ ﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻻ ﺃﺳﻌﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ، ﻓﺒﻪ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﺫﻯ ﺍﻟﺨﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﻤﻘﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺫﻱ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﺗﻜﺪﺭ ﺍﻟﺒﺎﻝ، ﻭﺗﺘﻌﺐ ﺍﻟﺠﺴﺪ
ﺇﻥ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﺗﺪﻋﻴﻢ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﻷﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻓﻼ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻏﻼًّ ﻭﻻ ﺣﻘﺪًﺍ ،
ﻓﻌﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ*:"ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﻈﻦ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺃﻛﺬﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻻ ﺗﺤﺴﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﺠﺴﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻓﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﺤﺎﺳﺪﻭﺍ ﻭﻻ*ﺗﺒﺎﻏﻀﻮﺍ"*ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺸﺮﻗﺔ ﻓﺈﻥ ﺃﻋﺪﺍﺀﻫﻢ ﻻ ﻳﻄﻤﻌﻮﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﺑﺪًﺍ، ﻭﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﻌﻮﺍ ﻣﻌﻬﻢ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ: ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﺘﺂﻟﻔﺔ، ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺻﺎﻓﻴﺔ. ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺣُﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ:
ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ:
ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ:
ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﺏ ﻛﻞ ﺧﻴﺮ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺴﺄﻝ ﺭﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺯﻗﻪ ﻗﻠﺒًﺎ ﺳﻠﻴﻤًﺎ
ﺇﻧﺰﺍﻝ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻐﻴﺮ:
ﻓﻠﻮ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﻓﻌﻞ ﺃﻭ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻟﺤﻤﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻭﻗﺪ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ*ﻟﻮْﻻ ﺇِﺫْ ﺳَﻤِﻌْﺘُﻤُﻮﻩُ ﻇَﻦَّ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﻭَﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨَﺎﺕُ ﺑِﺄَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﺧَﻴْﺮﺍً)ﺍﻟﻨﻮﺭ:12
ﻭﺃﺷﻌﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﻴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺣﻴﻦ ﻳﻠﻘﻰ ﺃﺧﺎﻩ ﻭﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ: {ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺩَﺧَﻠْﺘُﻢْ ﺑُﻴُﻮﺗﺎً ﻓَﺴَﻠِّﻤُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻜُﻢْ} ﺍﻟﻨﻮﺭ:61ـ
ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻞ:
ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺩﺃﺏ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ. ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ:*"ﻻ ﺗﻈﻦ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻚ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺷﺮًّﺍ، ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻣﺤﻤﻼً"ـ
ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﻦ ﻣﺮﺽ ﻭﺃﺗﺎﻩ ﺑﻌﺾ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻳﻌﻮﺩﻩ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ: ﻗﻮﻯ ﻟﻠﻪ ﺿﻌﻔﻚ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ: ﻟﻮ ﻗﻮﻯ ﺿﻌﻔﻲ ﻟﻘﺘﻠﻨﻲ ، ﻗﺎﻝ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﺇﻻ ﺍﻟﺨﻴﺮ. ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ: ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻧﻚ ﻟﻮ ﺳﺒﺒﺘﻨﻲ ﻣﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﺇﻻ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﻓﻬﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻹﺧﻮﺍﻥ ﺣﺘﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﻷﻋﺬﺍﺭ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ:
ﻓﻌﻨﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﻗﻮﻝ ﺃﻭ ﻓﻌﻞ ﻳﺴﺒﺐ ﻟﻚ ﺿﻴﻘًﺎ ﺃﻭ ﺣﺰﻧًﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﻷﻋﺬﺍﺭ، ﻭﺍﺳﺘﺤﻀﺮ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺤﺴﻨﻮﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﻭﻳﻠﺘﻤﺴﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺫﻳﺮ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺍﻟﺘﻤﺲ ﻷﺧﻴﻚ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻋﺬﺭﺍً
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻐﻚ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻚ ﺷﻲﺀ ﻓﺎﻟﺘﻤﺲ ﻟﻪ ﻋﺬﺭًﺍ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻓﻘﻞ: ﻟﻌﻞ ﻟﻪ ﻋﺬﺭًﺍ ﻻ ﺃﻋﺮﻓﻪ
ﺇﻧﻚ ﺣﻴﻦ ﺗﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﻷﻋﺬﺍﺭ ﺳﺘﺮﻳﺢ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺍﻟﺴﻴﺊ ﻭﺳﺘﺘﺠﻨﺐ
ﻋﺪﻡ ﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻮﻡ ﻹﺧﻮﺍﻧﻚ:
ﺗﺄﻥ ﻭﻻ ﺗﻌﺠﻞ ﺑﻠﻮﻣﻚ ﺻﺎﺣﺒًﺎ .. ... .. ﻟﻌﻞ ﻟﻪ ﻋﺬﺭًﺍ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻠﻮﻡ
ﺗﺠﻨﺐ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺕ:
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺴﺮﺍﺋﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﻭﺣﺪﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ ﺑﺸﻖ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ، ﻭﻟﻨﺘﺠﻨﺐ ﺍﻟﻈﻦ ﺍﻟﺴﻴﺊ
ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺁﻓﺎﺕ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ:
ﻓﻤﻦ ﺳﺎﺀ ﻇﻨﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﻌﺐ ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﻨﻘﻀﻲ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺧﺴﺎﺭﺗﻪ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺨﺎﻟﻄﻪ ﺣﺘﻰ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ؛ ﺇﺫ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﻟﻮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻗﺼﺪ ، ﺛﻢ ﺇﻥ ﻣﻦ ﺁﻓﺎﺕ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﻬﺎﻡ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ، ﻣﻊ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺗﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ: {ﻓَﻼ ﺗُﺰَﻛُّﻮﺍ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻜُﻢْ ﻫُﻮَ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﻤَﻦِ ﺍﺗَّﻘَﻰ}[ﺍﻟﻨﺠﻢ:32].ﻭﺃﻧﻜﺮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ: {ﺃَﻟَﻢْ ﺗَﺮَ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﺰَﻛُّﻮﻥَ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﺑَﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳُﺰَﻛِّﻲ ﻣَﻦْ ﻳَﺸَﺎﺀُ ﻭَﻻ ﻳُﻈْﻠَﻤُﻮﻥَ ﻓَﺘِﻴﻼً} [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ:49].ﺇﻥ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﺤﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺪﻡ، ﻭﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻔﺘﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺶ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻫﻮ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﻠﻮﺑًﺎ ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﻋﺎﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺈﺧﻮﺍﻧﻨﺎ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ
ﻭﻗﻔﺔ ﺗﺄﻣﻞ
ﻧﻈﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﻓﻤﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻪ ﺃﺻﻼً ﻭﻻﻓﺮﻋﺎً ﺇﻻ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰﻭﺟﻞ – ﻭﺃﺻﻞ ﺍﻟﺒﺨﻞ ﻭﻓﺮﻋﻪ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰﻭﺟﻞ .
ـ (ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ)ـ
(ﺭَﺑﻨَﺎ ﺍﻏْﻔِﺮْ ﻟَﻨَﺎ ﻭَﻟِﺈِﺧْﻮَﺍﻧِﻨَﺎ ﺍﻟﺬِﻳﻦَ ﺳَﺒَﻘُﻮﻧَﺎ ﺑِﺎﻟْﺈِﻳﻤَﺎﻥِ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺠْﻌَﻞْ ﻓِﻲ ﻗُﻠُﻮﺑِﻨَﺎ ﻏِﻠّﺎً ﻟﻠﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺭَﺑﻨَﺎ ﺇِﻧﻚَ ﺭَﺅُﻭﻑٌ ﺭﺣِﻴﻢٌ )ﺍﻟﺤﺸﺮ: 10
ﺭﺍﺣﺔ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻟﻴﺲ ﺃﺭﻳﺢ ﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻻ ﺃﺳﻌﺪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ، ﻓﺒﻪ ﻳﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺃﺫﻯ ﺍﻟﺨﻮﺍﻃﺮ ﺍﻟﻤﻘﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺫﻱ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﺗﻜﺪﺭ ﺍﻟﺒﺎﻝ، ﻭﺗﺘﻌﺐ ﺍﻟﺠﺴﺪ
ﺇﻥ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﺗﺪﻋﻴﻢ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﺍﻷﻟﻔﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻓﻼ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ ﻏﻼًّ ﻭﻻ ﺣﻘﺪًﺍ ،
ﻓﻌﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻗﺎﻝ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ*:"ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﻈﻦ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺃﻛﺬﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻻ ﺗﺤﺴﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﺠﺴﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻓﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﺤﺎﺳﺪﻭﺍ ﻭﻻ*ﺗﺒﺎﻏﻀﻮﺍ"*ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﻠﻔﻆ ﻟﻤﺴﻠﻢ
ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺸﺮﻗﺔ ﻓﺈﻥ ﺃﻋﺪﺍﺀﻫﻢ ﻻ ﻳﻄﻤﻌﻮﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﺃﺑﺪًﺍ، ﻭﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﺘﺒﻌﻮﺍ ﻣﻌﻬﻢ ﺳﻴﺎﺳﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻓﺔ: ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﻣﺘﺂﻟﻔﺔ، ﻭﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺻﺎﻓﻴﺔ. ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺣُﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ:
ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ:
ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ:
ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﺏ ﻛﻞ ﺧﻴﺮ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺴﺄﻝ ﺭﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﺮﺯﻗﻪ ﻗﻠﺒًﺎ ﺳﻠﻴﻤًﺎ
ﺇﻧﺰﺍﻝ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻐﻴﺮ:
ﻓﻠﻮ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻋﻨﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﻓﻌﻞ ﺃﻭ ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻟﺤﻤﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻭﻗﺪ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺣﻴﻦ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ*ﻟﻮْﻻ ﺇِﺫْ ﺳَﻤِﻌْﺘُﻤُﻮﻩُ ﻇَﻦَّ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨُﻮﻥَ ﻭَﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨَﺎﺕُ ﺑِﺄَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﺧَﻴْﺮﺍً)ﺍﻟﻨﻮﺭ:12
ﻭﺃﺷﻌﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺃﻧﻬﻢ ﻛﻴﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺣﻴﻦ ﻳﻠﻘﻰ ﺃﺧﺎﻩ ﻭﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ: {ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺩَﺧَﻠْﺘُﻢْ ﺑُﻴُﻮﺗﺎً ﻓَﺴَﻠِّﻤُﻮﺍ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻜُﻢْ} ﺍﻟﻨﻮﺭ:61ـ
ﺣﻤﻞ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻞ:
ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺩﺃﺏ ﺍﻟﺴﻠﻒ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ. ﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ:*"ﻻ ﺗﻈﻦ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺃﺧﻴﻚ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺷﺮًّﺍ، ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻣﺤﻤﻼً"ـ
ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻴﻦ ﻣﺮﺽ ﻭﺃﺗﺎﻩ ﺑﻌﺾ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﻳﻌﻮﺩﻩ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻠﺸﺎﻓﻌﻲ: ﻗﻮﻯ ﻟﻠﻪ ﺿﻌﻔﻚ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ: ﻟﻮ ﻗﻮﻯ ﺿﻌﻔﻲ ﻟﻘﺘﻠﻨﻲ ، ﻗﺎﻝ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﺇﻻ ﺍﻟﺨﻴﺮ. ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ: ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻧﻚ ﻟﻮ ﺳﺒﺒﺘﻨﻲ ﻣﺎ ﺃﺭﺩﺕ ﺇﻻ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﻓﻬﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻷﺧﻮﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻹﺧﻮﺍﻥ ﺣﺘﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻭﺟﻪ ﺍﻟﺨﻴﺮ
ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﻷﻋﺬﺍﺭ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ:
ﻓﻌﻨﺪ ﺻﺪﻭﺭ ﻗﻮﻝ ﺃﻭ ﻓﻌﻞ ﻳﺴﺒﺐ ﻟﻚ ﺿﻴﻘًﺎ ﺃﻭ ﺣﺰﻧًﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﻷﻋﺬﺍﺭ، ﻭﺍﺳﺘﺤﻀﺮ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺤﺴﻨﻮﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﻭﻳﻠﺘﻤﺴﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺫﻳﺮ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺍﻟﺘﻤﺲ ﻷﺧﻴﻚ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻋﺬﺭﺍً
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻐﻚ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻚ ﺷﻲﺀ ﻓﺎﻟﺘﻤﺲ ﻟﻪ ﻋﺬﺭًﺍ ، ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﻓﻘﻞ: ﻟﻌﻞ ﻟﻪ ﻋﺬﺭًﺍ ﻻ ﺃﻋﺮﻓﻪ
ﺇﻧﻚ ﺣﻴﻦ ﺗﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﺎﺱ ﺍﻷﻋﺬﺍﺭ ﺳﺘﺮﻳﺢ ﻧﻔﺴﻚ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺍﻟﺴﻴﺊ ﻭﺳﺘﺘﺠﻨﺐ
ﻋﺪﻡ ﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻮﻡ ﻹﺧﻮﺍﻧﻚ:
ﺗﺄﻥ ﻭﻻ ﺗﻌﺠﻞ ﺑﻠﻮﻣﻚ ﺻﺎﺣﺒًﺎ .. ... .. ﻟﻌﻞ ﻟﻪ ﻋﺬﺭًﺍ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﻠﻮﻡ
ﺗﺠﻨﺐ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺕ:
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺮﻙ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺍﻟﺴﺮﺍﺋﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﻭﺣﺪﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺄﻣﺮﻧﺎ ﺑﺸﻖ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ، ﻭﻟﻨﺘﺠﻨﺐ ﺍﻟﻈﻦ ﺍﻟﺴﻴﺊ
ﺍﺳﺘﺤﻀﺎﺭ ﺁﻓﺎﺕ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ:
ﻓﻤﻦ ﺳﺎﺀ ﻇﻨﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﻌﺐ ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﻨﻘﻀﻲ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ ﺧﺴﺎﺭﺗﻪ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﺨﺎﻟﻄﻪ ﺣﺘﻰ ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ ؛ ﺇﺫ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻭﻟﻮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻗﺼﺪ ، ﺛﻢ ﺇﻥ ﻣﻦ ﺁﻓﺎﺕ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﺤﻤﻞ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﻬﺎﻡ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ، ﻣﻊ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻫﻮ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺗﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ: {ﻓَﻼ ﺗُﺰَﻛُّﻮﺍ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻜُﻢْ ﻫُﻮَ ﺃَﻋْﻠَﻢُ ﺑِﻤَﻦِ ﺍﺗَّﻘَﻰ}[ﺍﻟﻨﺠﻢ:32].ﻭﺃﻧﻜﺮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ: {ﺃَﻟَﻢْ ﺗَﺮَ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﺰَﻛُّﻮﻥَ ﺃَﻧْﻔُﺴَﻬُﻢْ ﺑَﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻳُﺰَﻛِّﻲ ﻣَﻦْ ﻳَﺸَﺎﺀُ ﻭَﻻ ﻳُﻈْﻠَﻤُﻮﻥَ ﻓَﺘِﻴﻼً} [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ:49].ﺇﻥ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪﺓ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻟﺤﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺪﻡ، ﻭﻻ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﻔﺘﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺶ ﺑﻴﻨﻬﻢ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻫﻮ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺭﺯﻗﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﻠﻮﺑًﺎ ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﻋﺎﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺈﺧﻮﺍﻧﻨﺎ، ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ
ﻭﻗﻔﺔ ﺗﺄﻣﻞ
ﻧﻈﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﻓﻤﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﻪ ﺃﺻﻼً ﻭﻻﻓﺮﻋﺎً ﺇﻻ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰﻭﺟﻞ – ﻭﺃﺻﻞ ﺍﻟﺒﺨﻞ ﻭﻓﺮﻋﻪ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻋﺰﻭﺟﻞ .
ـ (ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ)ـ
(ﺭَﺑﻨَﺎ ﺍﻏْﻔِﺮْ ﻟَﻨَﺎ ﻭَﻟِﺈِﺧْﻮَﺍﻧِﻨَﺎ ﺍﻟﺬِﻳﻦَ ﺳَﺒَﻘُﻮﻧَﺎ ﺑِﺎﻟْﺈِﻳﻤَﺎﻥِ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺠْﻌَﻞْ ﻓِﻲ ﻗُﻠُﻮﺑِﻨَﺎ ﻏِﻠّﺎً ﻟﻠﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺭَﺑﻨَﺎ ﺇِﻧﻚَ ﺭَﺅُﻭﻑٌ ﺭﺣِﻴﻢٌ )ﺍﻟﺤﺸﺮ: 10