أصدر رياض سيف نائب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة و المعارضة السورية بياناً تحدث فيه عن مبادرة أحمد معاذ الخطيب و موقف الهيئة و مواقف المجتمع الدولي.
نص البيان:
في خضم الحديث الذي يدور اليوم عن الحل السياسي وإمكاناته في الواقع، أود توضيح بعض النقاط الجوهرية:
1-إن الهدف المتمثل بتحقيق انتصار الشعب السوري وحقن أقصى ما يمكن من دماء السوريين وتجنب المزيد من الدمار والخراب والمخاطر الكثيرة التي تحدق بالوطن، يجعلنا نعطي الأولوية للوصول لحل سياسي لا يكون بشار الأسد وأسرته جزء منه ويرتب انتقال سوريا نحو نظام ديمقراطي حقيقي يضمن العدالة والكرامة والحرية لجميع السوريين ضمن إطار زمني محدد وإجراءات واضحة ملزمة.
2-إن فتح الباب أمام إمكانية الحل السياسي يكون ابتداءً عبر تمكين ثوارنا من تغيير موازين القوى وإحراز تقدم حقيقي على الأرض، الأمر الذي يقتضي مد هيئة الأركان بكل ما يلزم من سلاح وعتاد والوسائل الضرورية لإنجاز هذا التقدم.
3-إن العدو الحقيقي والوحيد للشعب السوري هم أسرة الأسد وشركاؤهم من المسؤولين المباشرين عن إيصال البلاد إلى الحال التي هي عليه الآن، ولا يمكن لهم بأي حال من الأحوال أن يكونوا جزء من أي حل سياسي.
4-لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار بشار الأسد وأسرته ممثلين عن ملايين السوريين الذين ما زالوا تحت سلطة بشار الأسد ولم يتمكنوا من التعبير عن رأيهم بعد بسبب القمع أو أولئك المتخوفين من مستقبل مجهول، بل إن ما ارتكبه بشار الأسد من جرائم منذ بداية الثورة و وصوله سابقاً إلى رئاسة الدولة وقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي والجيش والقوات المسلحة السورية بطريقة غير شرعية وعبر إرهاب الشعب، ينزع عنه وعن أسرته وشركائه من المسؤولين المباشرين بشكل كامل أي صفة تمثيلية شرعية لأي شرائح مجتمعية أو لحزب البعث العربي الاشتراكي أو للدولة السورية أو حتى للجيش والقوات المسلحة السورية، وغالبيتهم العظمى ليست مسؤولة عن أعمال القتل والتنكيل والتدمير التي تشهدها البلاد منذ انطلاق ثورة 15 آذار المباركة.
إنني أؤمن بأن من الممكن لهم أن يكونوا شركاء حقيقين في إيجاد حل يزيح الأسد وأسرته وطاقمه المسؤول عما وصلت إليه البلاد. حل ينقذ البلاد و أبناء الشعب جميعاً من مخاطر الاقتتال والعنف والفوضى ودمار البنية التحتية للدولة بشكل كامل. إن بشار الأسد يزج بهؤلاء جميعاً في حربه الهمجية التي يخوضها فقط حفاظاً على سلطة أسرته وفسادها ومصالحها الضيقة، غير عابئ بأرواح وأمن واستقرار بنات وأبناء الشعب السوري ولا بمصير الوطن. لقد آن الأوان لوضع حد لهذا السلوك الإجرامي الأناني المغرور، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يدفع مواطن سوري حياته أو كرامته أو أمنه ثمناً لاستمرار هذا المجرم في حربه. إن من واجب السوريين جميعاً عزل هذه الحلقة الإجرامية الضيقة، والاتفاق على حل يخرج البلاد من أزمتها ويحقق المطالب المشروعة للمواطنين السوريين جميعاً في العدالة والحرية والكرامة والحياة الديمقراطية.
5-على روسيا الاتحادية أن تحول الأقوال التي طالما رددها مسؤلوها بخصوص عدم تمسكهم ببقاء بشار الأسد إلى خطوات عملية، والمخاوف الروسية المتنوعة لا يمكن تفاديها باستمرار النهج السياسي الروسي القائم حالياً على ما هو عليه. إن أي تفاهم روسي مع السوريين يجب أن يكون عبر ممثلين شرعيين ومحترمين للشعب السوري، وإن أي تفاهم من هذا النوع لا يمكن أن يجد طريقه إلى التنفيذ على أرض الواقع طالما أن عائلة الأسد موجودة على رأس السلطة، بل إن بقاء بشار الأسد على رأس السلطة سيفاقم الوضع سوء ويزيد من حجم المخاطر والتحديات التي يصرح الجانب الروسي بخشيته منها. أرى أن علينا التعامل مع الجانب الروسي استناداً إلى هذه الروحية.
6-على القيادة الإيرانية أن تدرك بشكل حقيقي مخاطر السياسة المتبعة من قبلها في دعم بشار الأسد في حربه الإجرامية ضد الشعب السوري، وهي سياسة يحمل الاستمرار فيها مخاطر اندلاع صراع طائفي في المنطقة، ولن يكون ذلك في مصلحة أي طرف من الأطراف. على إيران أن تدرك أن بشار الأسد لم يعد له أي حظ بالبقاء ومن المحال أن ينتصر على إرادة الشعب الثائر، واستمرارها في دعمه سيعود على المنطقة وعلى مصالحها بنتائج بالغة الخطورة.
7-على أصدقائنا وأشقائنا أن يدركوا أن الوقت ليس في صالحهم ولا صالحنا. لدينا أهداف وهواجس مشتركة علينا أن نعمل سوية لأجلها، والحل السياسي الذي ننشده كسوريين وينشدونه كأصدقاء وأشقاء للشعب السوري لا يمكن أن يفتح الباب أمامه إلا عبر تغيير موازين القوى على الأرض، بما يعني ذلك من إمداد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وهيئة الأركان العسكرية المشتركة بكل أسباب القوة. علينا أن ندرك جميعاً أن جبهات التحرك المطلوبة متنوعة ومترابطة وإن أي تقدم على أي جبهة منها سيساعد على إحداث التقدم على الجبهات الأخرى.
8-إنني لا أجد ما قام به رئيس الائتلاف الوطني الشيخ معاذ الخطيب من تحركات سياسية وتصريحات إعلامية في الآونة الأخيرة وبخاصة في مؤتمر ميونيخ خارج هذا السياق، سواء لجهة التحدث مع الإيرانيين أو الروس أو لجهة طلب الدعم والمساعدة من أصدقاء سوريا كما حصل في لقائه مع نائب الرئيس الأمريكي بايدن، ومعرفتنا العميقة بالشيخ معاذ تبعثنا على الاطمئنان التام بأنه ليس من الأشخاص الذين يمكن أن يفكروا ولو للحظة بالتفريط بحقوق ومصالح الشعب السوري في أي حال من الأحوال، ولعل من نافل القول أنه أحد أبناء ومناضلي هذه الثورة المخلصين، وهو فضلاً عن القيم الأخلاقية الرفيعة التي يحملها فهو على قناعة تامة بأن بشار الأسد لا يمكن له ان يكون بأي حال من الأحوال جزء من أي حل سياسي في سوريا.
9-من الممكن للائتلاف الوطني ولقوى الثورة السورية توظيف تصريحات الشيخ معاذ الخطيب بشكل إيجابي عبر:
– توجيه الرسائل المطلوبة لشرائح المجتمع السوري كافة بضرورة الانفكاك عن أسرة الأسد وأعوانهم المباشرين وعزلهم، وأن الحل السياسي حينها سيكون متاحاً بما يضمن حقوق ومصالح وأمن ومستقبل جميع السوريين.
– مد اليد إلى الجانب الروسي للتخلي عن أسرة الأسد والتحول إلى شريك حقيقي للشعب السوري في مساعدته على الوصول إلى حل سياسي مقبول.
– وضع الجانب الإيراني عند مسؤولياتهم والحديث الصريح والمباشر معهم بشأن المخاطر التي ستترتب عليهم وعلى المنطقة جراء مساندتهم لأسرة الأسد في حربها ضد الشعب السوري.
– إعطاء جواب لأصدقائنا وأشقائنا ممن يطرحون الحل السياسي ويطالبوننا برؤية لهذا الحل بأننا منفتحون على هذا الاحتمال على قاعدة استثناء الأسد منه، وأن الخطوة الأساسية لفتح الباب أمام هذا الحل هو تغيير موازين القوى على الأرض عبر دعم صمود الشعب السوري ودعم الائتلاف الوطني وهيئة الأركان المشتركة بكل ما يلزم لتحقيق هذا التغير.
10-إننا في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مدعوون جميعاً أكثر من أي وقت مضى لرص الصف وتوحيد الموقف وتفعيل العمل المؤسساتي والتصرف بحكمة كقيادة متماسكة وقوية وواثقة حيال كل المستجدات والمبادرات، وأخطر نتيجة يمكن أن تترتب على تصريحات الشيخ معاذ الخطيب هي انشقاق الصف وتفرق الكلمة، ومسؤوليتنا جميعاً أن نتعامل مع هذا الأمر بأقصى درجات الحكمة والحرص على استثماره لصالح انتصار الثورة.