أثار تقليد شخصية أمين عام حزب الله حسن نصر الله في برنامج 'بس مات وطن' التلفزيوني الفكاهي سخط واحتجاج مناصريه الذين عمدوا إلى قطع الطرقات وإحراق الإطارات المطاطية في عدد من المناطق اللبنانية، في مشهد يعيد الذاكرة إلى عام 2006، حين تم تقليد نصر الله في البرنامج نفسه، لكن حينها كان رد الفعل أكبر، استدعى إيقاف البرنامج.
وتزامنت حلقة 'بس مات وطن' مع ظهور نصر الله في بث تلفزيوني مباشر أثناء إحياء حزب الله ذكرى عاشوراء ليلة الجمعة الماضية وهو ما يفسر رد الفعل الضعيف مقارنة بعام 2006. كما أن الحزب سارع إلى التعميم على عناصره بالعودة من الشارع، وعدم تصعيد الموقف أو القيام بما يخلّ بالأمن في أي منطقة.
ونصرالله ليس الشخصية الوحيدة التي قام مخرج البرنامج شربل خليل بتقليدها، فالحلقة نفسها تضمنت مقطعا كوميديا تناول تجسيدا لشخص النبي يونس -عليه السلام- لكن الاعتراض عليه اقتصر على تجمهر عدد من الشبان عند دوار أبو علي في مدينة طرابلس شمالي لبنان.
ويستند مخرج البرنامج شربل خليل -الذي غالبا ما ينفلت من ضوابط حرية الإعلام- في تقليد شخصية نصر الله على مبدأ حرية التعبير وتقليده شخصيات دينية من قبل، بينها البطريرك الماروني. وقد قال للجزيرة نت، إنه لم يـُفاجأ بتحرك مناصري حزب الله لأن التحرك هذه المرة كان خفيفا ومقتصرا على بعض الشبان، مقارنة بعام 2006.
وسخر خليل مما جرى تداوله من أن تقليد نصر الله أتى بسبب الجفاء بين حزب الله والتيار الوطني الحر الذي قيل إن شربل ينتمي إليه، مؤكدا أنه لا ينتمي إلى أي حزب ولا يتلقى الأوامر أو النصائح من أحد.
وكان البرنامج قلد أيضا في حلقات سابقة الشيخ أحمد الأسير والبطريرك الماروني السابق بطرس صفير، مما استدعى خروج عدد من المسيحيين للاحتجاج على هذا الموضوع ورفعوا لافتات تندد بالبرنامج ومخرجه.
تحرك للإعلاميين
ولم يقتصر التحرك ضد تقليد نصر الله على مناصريه، بل امتد إلى عدد من الإعلاميين الذين نفذوا ظهر أمس وقفة احتجاجية أمام المجلس الوطني للإعلام، طالبوا فيها رئيس المجلس عبد الهادي محفوظ بمحاسبة من يمس المرجعيات الدينية والروحية.
واعتبر محفوظ في حديث للجزيرة نت، أن الاستناد إلى الحريات الإعلامية المنصوص عليها في قانون الإعلام، والتي يكفلها الدستور اللبناني، لا تعني اللجوء إلى إثارة النعرات الطائفية أو المس بالديانات السماوية أو التعرض للسلم الأهلي.
وأوضح أن المجلس الوطني للإعلام لا يستطيع التحرك ورفع توصيات إلى الحكومة لأنها مستقيلة، داعيا القضاء إلى التحرك في هذا الإطار.
لا للتقديس
في المقابل شدد الإعلامي نديم قطيش على أنه لا قدسية لأحد في لبنان، بمن فيهم نصر الله، معتبرا أنه يجرى التعامل معه بصفته الأمين العام لحزب الله، وهو حزب سياسي وليس له أي صفة دينية، وعمله في السياسة لا بد أن يعرضه للنقد. وسأل قطيش 'هل بات نصر الله عند مناصريه أهم من النبي يونس؟'.
وانتقد قطيش في حديث للجزيرة نت، ما قال إنها إحاطة البعض بهالة من القداسة، مضيفا: هناك من يعتبر أن لا أحد يستطيع أن يتعرض لهيبته، بينما يعتدي هو على هيبة وحالة كل الآخرين.
كلام قطيش لا يوافق عليه الكاتب والصحفي قاسم قصير الذي اعتبر في حديث للجزيرة نت، أن هناك أمورا غير مقبولة في لبنان بينها تقليد الشخصيات والمرجعيات الدينية.
وأوضح أن كون نصر الله يجمع بين المرجعيتين الدينية (الوكيل الشرعي للمرجع علي الخامنئي في لبنان)، والسياسية كأمين عام حزب الله، يفتح الباب أمام انتقاده، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن القوانين اللبنانية تنص على أنه يحق للمرجعيات الدينية الاعتراض على ما تعتبره مسا بها، ويحق للأمن العام إيقافه.