الناسخ و المنسوخ في سورة النساء

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#1
وهي مدنية تحتوي من المنسوخ على أربع وعشرين آية.
الآية الأولى: قوله تعالى: (لِلرِّجالِ نَصيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَالأَقربونَ).
إلى قوله: (قَولاً مَعروفاً).
نزلت في أم كجة الأنصارية وفي ابنتيها وابني عمها.
وذلك: أن بعلها مات وخلف مالاً، فأخذه ابنا أخيه ولم يعطوا البنات منه شيئا، وكان ذلك سنتهم في الجاهلية، فجاءت أمهما تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية.
ثم نسخت بقوله: (يوصيكُمُ اللَهُ في أَولادِكُم): فتبين معناها، وحد القسم كما هو فيها.
الآية الثانية: قوله تعالى: (وَإِذا حَضَرَ القِسمَةَ أولوا القُربى وَاليًتامى وَالمَساكينُ فَاِرزُقوهُم مِنهُ وَقولوا لَهُم قَولاً مَعروفاً).
اختلف المفسرون في معنى ذلك: فقالت طائفة: أمروا أن يجعلوا لليتامى والمساكين شيئا من المال، يرخصون لهم ذلك.
وقال الآخرون: أمروا أن يعطوا من المال ذوي القربي، وأن يقولوا لليتامى والمساكين قولاً معروفاً.
وقالت طائفة: بل نسخها الله تعالى بأية المواريث، قوله تعالى: (يوصيكُم اللَهُ في أَولادِكُم للَّذكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ).
الآية الثالثة: قوله تعالى: (وَليَخشَ الَّذينَ لَو تَرَكوا مِن خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافوا عَلَيهُم فَليَتَّقوا اللَهَ وَليَقولوا قَولاً سَديداً).
وذلك: أن الله تعالى أمر الأوصياء بإمضاء الوصية على ما رسم الموصي ولا يغيروها.
ثم نسخها الله تعالى بالآية التي في سورة البقرة فقال جل وعلا: (فَمَن خافَ مِن موصٍ جَنَفاً أَو إِثماً) أي علم من موص جوراً وإثما (فَأَصلَحَ بَينَهُم فَلا إِثمَ عَلَيه) لا حرج على الموصى إليه: يأمر الموصي بالعدل في ذلك.
وكانت هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: (وَليَخشَ الَّذينَ لَو تَرَكوا مِن خَلفِهِم ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافوا عَلَيهِم فَليَتَّقوا اللَه).
الآية الرابعة: قوله تعالى: (إِنَّ الَّذينَ يَأكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظُلماً).
لما نزلت هذه الآية عزل الأنصار الأيتام، فلم يخالطوهم في شيء من أموالهم، فلحق الضرر بالأيتام، فأنزل الله تعالى: (وَيَسأَلونَكَ عَنِ اليَتامى قُل إَصلاحٌ لَهُم خَيرٌ وَإِن تُخالِطوهُم فَإِخوانُكُم) . في الدين، في ركوب الدابة وشرب اللبن، لأن اللبن إذا لم يحلب والدابة إذا لم تركب لحق الضرر.
ولم يرخص في أكل الأموال ظلما، فقال الله تعالى: (وَمَن كانَ غَنيّاً فَليَستَعفِف) عن الأكل من مال اليتيم (وَمَن كانَ فَقيراً فَليَأكُل بِالمَعروفِ) النساء: ههنا القرض، فإن أيسر رد، وإن مات وليس بموسر فلا شيء عليه. فصارت هذه ناسخة لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذينَ يَأكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظلماً).
الآية الخامسة: قوله تعالى: (وَاللاتي يَأتينَ الفاحِشَةَ مِن نِسائكُم فَاِستَشهِدوا عَلَيهِنَّ أَربَعَةً مِنكُم) إلى قوله: (أَو يَجعَلَ اللَهُ لَهُنَّ سَبيلاً). كان الرجل والمرأة في بدء الإسلام إذا زنيا حبسا في بيت، فلا يخرجان منه حتى يموتا.
وهذه الآية نسخت بالسنة لا بالكتاب. وكنى الله فيها بذكر النساء عن النساء والرجال، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما على أصحابه فقال: (خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر مائة جلدة وتغريب عام. والثيب بالثيب الرجم).
فصارت هذه السنة ناسخة لتلك الآية.
الآية السادسة: قوله تعالى: (وَاللَّذانِ يَأتِيانِها مِنكُم فَآذوهُما).
كان البكران إذا زنيا عيرا وشتما، فجاءت الآية التي في سورة النور وهي: (الزانِيَةُ وَالزاني فَاِجلِدوا كُلَّ واحِدٍ مِنهُما مائَةَ جَلدَة) فهذا منسوخ بالكتاب.
وعلى هذه الآية معارضة، لقائل يقول: كيف بدأ الله سبحانه وتعالى بالمرأة قبل الرجل في الزنا، وبالرجل قبل المرأة في السرقة? والجواب عن ذلك: أن فعل الرجل في السرقة أقوى، وحيلته فيها أغلب. وفعل المرأة في الزنا أقوى، وحيلتها فيه أسبق. لأنها تحتوي على إثم الفعل وإثم المواطأة.
الآية السابعة: قوله تعالى: (إِنَّما التَوبَةُ عَلى اللَه للَّذينَ يَعمَلونَ السُوءَ بِجهالَةٍ ثُمَّ يُتوبونَ مِن قريبٍ).

وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حد التائبين? فقال صلى الله عليه وسلم: (من تاب قبل موته بسنه قبل الله تعالى توبته) ثم قال: (ألا وإن ذلك لكثير) ثم قال: (من تاب قبل موته بنصف سنة قبل الله تعالى توبته). ثم قال: (ألا وإن ذلك لكثير) ثم قال: (من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته) ثم قال: (ألا وإن الشهر كثير) ثم قال: (من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته) ثم قال: (ألا وإن ذلك لكثير) ثم قال: (من تاب قبل موته بساعة قبل الله توبته). ثم قال: (ألا وإن ذلك لكثير) ثم قال: (من تاب قبل أن يغرغر قبل الله توبته). ثم تلا قوله تعالى: (ثُمَّ يَتوبون مِن قَريب) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل ما كان قبل الموت فهو قريب).
فكان خبره في هذه الآية عاما.
ثم احتجوا للتوبة في الآية التي بعدها على أهل المعصية، فقال تعالى: (وَلَيسَتِ التَوبَةُ لِلَذينَ يَعمَلونَ السَيِّئاتِ حَتّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُم المَوتُ قال إِنّي تُبتُ الآنَ وَلا الَّذينَ يَموتونَ وَهُم كُفّارٌ أولئكَ أَعتَدنا لَهُم عَذاباً أَليماً) . فنسخت في أهل الشرك، وبقيت محكمة في أهل الإيمان.
الآية الثامنة: قوله تعالى: (وَلا تَنكِحوا ما نَكَحَ آباؤُكُم مِنَ النِساءِ إِلّا ما قَد سَلَفَ).
للناس أقاويل: قالت طائفة: هي محكمة، وقالت: معناها: لكن ما قد سلف فقد عفوت عنه.
ومن قال: إنها منسوخة، قال: يكون معناها: وإلا ما قد سلف فانزلوا عنه.
وعلى هذا العمل.
الآية التاسعة: قوله تعالى: (وَأَن تَجمَعوا بَينَ الأَختَينِ) . ثم استثنى بقوله تعالى: (إَلّا ما قَد سَلَفَ).
الآية العاشرة: قوله تعالى في متعة النساء: (فَما اِستَمتَعتُم بِهِ مِنهُنَّ فَآتوهُنَّ أجورَهُنَّ فَريضَةً).
وذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل منزلا في أسفاره، فشكوا فيه إليه بعد، فلما نزل خيبر حرم متعة النساء وأكل لحم الحمير الأهلية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني كنت أحللت لكم هذه المتعة، ألا وإن الله ورسوله قد حرماها عليكم، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب).
فنسخ هذه الآية ذكر ميراث الربع والثمن، ولم يكن لها نصيب في ذلك. وتحريمها موضع حرمان الربع والثمن.
وقال هذا ابن إدريس الشافعي رحمة الله عليه: تحريمها في سورة المؤمنين، عند قوله: (وَالَّذينَ هُم لِفُروجِهِم حافِظنَ. إِلّا على أَزواجِهِم أَو ما مَلَكَت أَيمانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مُلومينَ) إلى قوله تعالى: (فَأُولئِكَ هُمُ العادون) ثلاث آيات فنسخها الله تعالى بهذه الآية.
الآية الحادية عشرة: قوله تعالى: (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لا تَأكُلوا أَموالَكُم بَينَكُم بِالباطِلِ إِلّا أَن تَكونَ تِجارَةً عَن تَراضٍ مِنكُم).
وذلك: أن هذه الآية لما نزلت قالت الأنصار: إن الطعام من أفضل الأموال، لأن به تقوم الهياكل. فتحرجوا أن يؤاكلوا الأعمى والأعرج والمريض، ثم قالوا: إن الأعمى لا ينظر إلى أطايب الطعام، أي لا يتمكن في المجلس فيتهنى بأكله. وإن المريض لا يسبقنا في الأكل مع البلع، فامتنعوا من مواكلتهم، حتى أنزل الله تعالى ذكره في سورة النور (لَيسَ عَلى الأَعمى حَرَجٌ) ومعناها: ليس على من أكل مع الأعمى من حرج، والحرج مرفوع عنه، وهو في المعنى عن غيره (وَلا عَلى الأَعرَجِ حَرَجٌ) أي ولا على من أكل مع الأعرج من حرج (وَلا عَلى المَريضِ حَرَجٌ) فصارت هذه الآية ناسخة لما وقع في حرجهم.
قال الشيخ رضي الله عنه: قوله تعالى: (لَيسَ عَلى الأَعمى حَرَجٌ) اللفظ للأعمى والمراد لغيره.
الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: (وَالَّذينَ عاقَدَت أَيمانُكُم فَآتوهُم نَصيبَهُم).
كان الرجل في الجاهلية في أول بدء الإسلام يعاقد الرجل فيقول: ديني دينك، وهديي هديك، فإن مت قبلك فلك من ماني كذا وكذا. شيئا يسميه، فكانت هذه سنتهم في الجاهلية، فإن مات ولم يسم أخذ من ماله سدسه، فأنزل الله في آية أخرى: (وَأولوا الأَرحامِ بَعضُهُم أولى بِبَعضٍ) الأنفال: فنسخت هذه الآية كل معاقدة ومعاهدة كانت بينهم.
الآية الثالثة عشرة: قوله تعالى: (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى).

وذلك: أن الله تعالى حرمها عليهم في أوقات الصلاة، وقد ذكر في سورة البقرة، ثم نسخ تحريمها في وقت دون وقت بقوله تعالى: (فَاِجتَنِبوه لَعَلَّكُم تَفلِحون).
وقال الآخرون: نسخها بقوله: (فَهَل أَنتُم مُنتَهون).
الآية الرابعة عشرة: قوله تعالى: (فَأَعرِض عَنهُم وَعِظهُم).
هذا مقدم ومؤخر، معناه: فعظهم وأعرض.
كان هذا في بدء الإسلام، ثم صار الوعظ والإعراض منسوخا بآية السيف.
الآية الخامسة عشرة: قوله تعالى: (وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَلَموا أَنفُسَهُم جاؤوكَ فَاِستَغفَروا اللَهَ وَاِستَغفَرَ لَهُمُ الرَسولُ لَوَجدوا اللَه تَوّاباً رَحيماً).
نسخ ذلك بقوله: (اِستَغفِر لَهُم أَو لا تَستَغفِر لَهُم إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعينَ مَرَّةً فَلَن يَغفِرَ اللَهَ لَهُم).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأزيدن على السبعين).
فأنزل الله عز وجل: (سَواءٌ عَلَيهِم أَستَغفَرتَ لَهُم أَم لَم تَستَغفِر لَهُم لَن يَغفِر اللَهُ لَهُم). المنافقون: وصار ناسخا لما قبله.
الآية السادسة عشرة: قوله تعالى: (يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا خُذوا حِذرَكُم فَاِنفِروا ثُباتٍ أَوِ اِنفِروا جِميعا).
فالثبات: العُصُب المتفرقون.
صارت الآية التي في سورة التوبة ناسخة لها، وهي قوله تعالى: (وَما كانَ المُؤمِنونَ لِيَنفِروا كافَّةً).
الآية السابعة عشرة: قوله تعالى: (مَن يَطِعِ الرَسولَ فَقَد أَطاعَ اللَهَ) هذا محكم.
(وَمَن تَوَلّى فَما أَرسَلناكَ عَلَيهِم حَفيظاً) نسخت بآية السيف.
الآية الثامنة عشرة: قوله تعالى: (فَأَعرِض عَنهُم) منسوخ.
(وَتَوَكَّل عَلى اللَه) هذا محكم.
نسخ المنسوخ بآية السيف.
الآية التاسعة عشرة: قوله تعالى: (فَقاتِل في سَبيلِ اللَهِ لا تُكَلَّفُ إِلّا نَفسَك).
نسخة بآية السيف.
الآية العشرون: قوله تعالى: (إِلّا الَّذينَ يَصِلونَ إِلى قَومٍ بَينًكُم وَبَينَهُم ميثاقٌ) إلى قوله: (فَما جَعَل اللَهُ لَكُم عَلَيهِم سَبيلاً).
نسخ بآية السيف.
الآية الحادية والعشرون: قوله تعالى: (سَتَجدونَ آخَرينَ).
نسخ أيضا بآية السيف.
الآية الثانية والعشرون: قوله تعالى: (فَإِن كانَ مِن قَومٍ عَدُوٍّ لَكُم وَهُوَ مُؤمِنٌ).
إلى قوله تعالى: (فَما جَعَلَ اللَهُ لَكُم عَلَيهِم سَبيلاً).
نسخ ذلك بقوله عز وجل: (بَراءَةٌ مِنَ اللَهِ وَرَسولِهِ إِلى الَّذينَ عاهَدتُم مِنَ المُشرِكين.
الآية الثالثة والعشرون: قوله تعالى: (وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً).
وذلك: أن مقيس بن أبي صبابة التيمي قتل قاتل أخيه بعد أخذ الدية، ثم ارتد كافراً، فلحق بمكة، فأنزل الله تعالى فيه الآية.
وأجمع المفسرون من الصحابة والتابعين على نسخ هذه الآية إلا عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، فإنهما قالا: إنها محكمة.
قال أبو القاسم المؤلف رحمه الله: والدليل على هذا تكاثف الوعيد فيها.
وروى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أنه ناظر ابن عباس فقال: من أين لك أنها محكمة? فقال ابن عباس: تكاثف الوعيد فيها. وكان ابن عباس مقيماً على أحكامها، فقال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه: نسخها الله تعالى بآيتين: آية قبلها، وآية بعدها في النظم: قوله تعالى: (إِنَّ اللَهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلك) إلى قوله: (فَقَد اِفتَرى إِثماً عَظيماً).
وبآية بعدها في النظم، وهي قوله تعالى: (إِنَّ اللَهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِه) إلى قوله (فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعيداً).
وقال المفسرون: نسخها الله تعالى بقوله: (وَالَّذينَ لا يَدعونَ معَ اللَهِ إِلاهاً آخَرَ وَلا يَقتُلونَ النَفسَ الَّتي حَرَّمَ) إلى قوله تعالى: (وَيَخلُد فيهِ مُهاناً). ثم استثنى بقوله: (إِلّا مَن تابَ).
الآية الرابعة والعشرون: قوله تعالى: (إِنَّ المُنافِقينَ في الدَركِ الأَسفَلِ مِنَ النار).
إلى قوله: (نَصيراً).
ثم استثناه فقال: (إِلّا الَّذينَ تابوا وَأَصلَحوا وَاِعتَصَموا بِاللَهِ وَأَخلَصوا دينَهُم لِلّهِ فَأولئِكَ مَع المُؤمِنين).
وفي نسخة أخرى: (فَما لَكُم في المُنافِقين فِئَتَين) فنسخها بآية السيف.
 
الكاتب المواضيع المشابهة القسم الردود التأريخ
مزاج كاتب الآقسام الدينية و الآسلامية 2

المواضيع المشابهة