تقول صحيفة "ذي صنداي تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم ان اسرائيل تدرس امكانية اقامة حزام بطول عشرة اميال تجول فيه قواتها ودباباتها للوقوف في وجه الاسلاميين اذا سقط بشار الاسد. وكشف المقال الذي بعث به مراسلها عوزي موهنايمي من تل ابيب عن الاتصالات السرية التي اجرتها اسرائيل ليس مع الولايات المتحدة فحسب، بل ومع روسيا ايضا، قبل الاعتداء على سوريا. وفيما يلي نص المقال:
تدرس اسرائيل انشاء منطقة عازلة تمتد الى حوالي عشرة أميال داخل الاراضي السورية بهدف حمايتها من الثوار الاصوليين على الجانب الاخر من الحدود.
والغرض من هذا المشروع الذي قام الجيش بوضعه وعرضه على رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هو حماية خط الحدود الذي يمتد لـ47 ميلا في وجه التهديد الاسلامي في حال سقوط نظام بشار الاسد.
وستكون المنطقة العازلة على غرار المنطقة الامنية اللبنانية التي كانت القوات الاسرائيلية تقوم فيها بدوريات مشتركة مع جيش لبنان الجنوبي، ما بين العامين 1985 و 2000 الى مسافة 16 ميلا داخل لبنان.
وقال مصدر مقرب من المخططين العسكريين الاسرائيليين "قدمنا الى رئيس الوزراء الاسرائيلي خطة شاملة للدفاع عن حدود اسرائيل بعد، او ربما قبل، سقوط نظام الاسد".
واضاف ان "المنطقة العازلة اقيمت بالتعاون مع القرويين المحليين وتحتل مكان الصدارة في الخطة. واذا بقي الوضع في سوريا غير مستقر فقد نظل هناك لسنوات".
وفي الاشهر الاخيرة تناقلت الانباء ان جماعات جهادية مثل جبهة النصرة التي تعتبرها واشنطن منظمة ارهابية على علاقة بتنظيم القاعدة، وصلت الى عدد من قرى الحدود. واثنتان من هذه القرى، وهما بريقه و بن عجم، لا تبعدان اكثر من ميل واحد عن الحدود الاسرائيلية.
وكان نتنياهو قد قام بزيارة للمواقع الاسرائيلية الامامية التي تطل على القرى الثورية الشهر الماضي، وشاهد عمال الانشاءات وهم يقيمون جدارا حديديا بارتفاع 20 قدما على امتداد الحدود ليكون بديلا للسياج المتداعي.
وقال المصدر العسكري ان "السياج القديم ظل صالحا لمدة اربعين عاما. وكنا ندرك في ذلك الوقت ان هناك رجلا قويا في دمشق. ولكنه لم يعد كذلك. وسيكون الجدار الجديد مفيدا عندما يكتمل، وبدون المنطقة العازلة فان قئائف الهاون والصواريخ ضد اسرائيل ستنطلق بصورة يومية".
وتقضي الخطة باقامة كتيتي مشاة وكتيبة دبدبات اسرائيلية في المواقع الامامية داخل الاراضي السورية. وقد رُسمت الحدود الحالية التي لم تحصل على اعتراف دولي بها، بعد حرب رمضان في العام 1973.
وحسب قول مصادر عسكرية، فان المخابرات الاسرائيلية تخصص الان كل المصادر المتوفرة لسوريا في وقت يزداد فيه الضغط على النظام وترتفع الخشية من وقوع الدول المجاورة لها في موجات الفوضى.
وقد اشتملت عمليات القصف الجوي الاسرائيلية الاسبوع الماضي على اصابة قافلة يعتقد انها كانت تنقل صواريخ مضادة للطائرات روسية الصنع من طراز إس إيه-17 قرب الجامرية، شمال غرب العاصمة دمشق، وقد لا تكون الاخيرة من نوعها، حسب قول المصادر.
ونقت مجلة "تايم" الاميركية عن مسؤولين عسكريين غربيين القول أمس ان من بين الاهداف التي تعرضت للقصف مركزا للابحاث والدراسات العلمية في الجامرية، قيل بانها منشأة ابحاث تتعلق بالاسلحة الكيماوية والبيولوجية.
وفي الليلة الماضية اذاع التلفزيون السوري الرسمي اول صور للدمار. وجالت الكاميرا بين شاحنات محترقة وحافلات وسيارات في شارع تحده الاشجار ومساكن على مقربة منه.
وفي لقطة اخرى ظهر احد المكاتب حيث كانت المقاعد مغطاة بقطع من الزجاج الذي تناثر من النوافذ.
واوضحت بعض التقارير مدى عمق القلق الاسرائيلي بشأن القافلة وموقع الابحاث، وقالت ان مسؤولين ليس في اميركا وحدها بل والكرملين اُبلغوا به قبل وقوعه.
وقام الجنرال أفيف كوخافي، رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، بزيارة واشنطن قبل فترة قصيرة من الغارة واجرى محادثات مع نظرائه في البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية. وفي الوقت ذاته قام ياكوف اميدرور، رئيس الامن القومي لدى نتنياهو، بزيارة موسكو واطلع المسؤولين الروس الذين يعتبرون من اقرب الحلفاء للاسد.
ولم تكشف المحادثات عن هدف معين، لكن صدر تحذير للروس بان اسرائيل لا يمكنها القبول بوقوع اي اسلحة روسية في ايدي حزب الله.
وظلت اسرائيل حتى الان حريصة على عدم التدخل مباشرة في الصراع السوري. الا ان هناك مخاوف متزايدة من ان ايران تحاول استعادة نفوذها في تلك الدولة في حال سقوط الاسد.
وعلمت صحيفة "ذي صنداي تايمز" ان من بين اهداف اسرائيل المستقبلية منشأة استخبارات ايرانية محصنة تماما قرب درعا، على بعد سبعة اميال عن الحدود الاسرائيلية.
وقال مصدر عسكري "لا تزال لدى الايرانيين يد طولى في سوريا. ولديهم ميثاق دفاعي مع الاسد، وظلوا طوال السنتين الماضيتين يحاولون مساعدته. لكنهم يدركون ان مصيره محتوم ويريدون الفوز باقصى حد ممكن من النفوذ قبل الاطاحة به".
ومركز المراقبة الايراني لا يبعد اكثر من 10 اميال عن منشأة اسرائيلية مثيلة في حار افيتال.
وقال المصدر "ندرك انهم يراقبون اتصالات جيشنا، ويجمعون المعلومات ويحاولون الدخول الى اجهزة الكومبيوتر العسكرية لدينا. وذلك يمثل مشكلة خطيرة بالنسبة لقواتنا".
هناك ادراك قوي لدى المؤسسة العسكرية الاسرائيلية بان انهيار النظام في سوريا قد يجر الدولة اليهودية الى تورط طويل الامد في سوريا.
وقال مصدر مخابرات مخضرم "اسرائيل ستفتقد عائلة الاسد". وبالاشارة الى سلسلة الجبال التي تفصل سوريا عن مرتفعات الجولان المحتل، قال "كانت عائلة الاسد، الاب والابن، اناسا سيئين. ولكننا كنا نعرف ان التعهد بوجودهم يعتبر التزاما، وان الاتفاق كان صامدا مثل صخور جبل الشيخ".