أخذت فضيحة التجسس، الذي تتهم الاستخبارات الأميركية بممارسته ضد العديد من الدول ومنها دول حليفة، بعدا جديدا مع استدعاء ألمانيا السفير الأميركي وإبداء فرنسا والمكسيك امتعاضهما مما جرى.
وسبق ذلك إعلان ألمانيا عن احتمال أن يكون الهاتف المحمول للمستشارة أنجيلا ميركل قد تعرض للتنصت، وهو ما استدعى اتصال المستشارة بالرئيس الأميركي باراك أوباما لمساءلته، واستدعاء السفير الأميركي لدى برلين لطلب توضيحات بهذا الشأن.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية إن السفير الأميركي استدعي بعد الظهر لعقد لقاء مع الوزير غيدو فسترفليه وسيتم اطلاعه على موقف الحكومة الألمانية بوضوح، مؤكدة بذلك معلومات أوردتها مجلة دير شبيغل الأسبوعية على موقعها الإلكتروني.
وقبل ذلك أكد أوباما لميركل خلال الاتصال الهاتفي الذي أجرته معه أن بلاده 'لا تراقب' اتصالاتها، وذلك بحسب بيان للبيت الأبيض حرص فيه على استخدام صيغة المضارع بحيث لا يؤكد أو ينفي ما إذا كان التنصت قد حصل في الماضي كما اتهمته بذلك برلين.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن الولايات المتحدة بصدد دراسة الطريقة التي تحصل بموجبها على معطيات، مؤكدا أن أوباما وميركل تفاهما على ضرورة تكثيف التعاون بين أجهزة استخباراتهما بهدف حماية أمن البلدين.
وقال ستيفن شيبرت المتحدث باسم ميركل في بيان إن 'الحكومة الفدرالية حصلت على معلومات تؤكد أن الهاتف المحمول للمستشارة قد يكون تعرض للمراقبة من قبل الاستخبارات الأميركية'، مضيفا أن المستشارة اتصلت هاتفيا أمس بالرئيس أوباما، وأكدت بوضوح أنه إذا تأكدت مثل هذه الممارسات فإنها ستشجبها بصورة قاطعة وستعتبرها غير مقبولة بتاتا.
وجاء تشكيك برلين بعد المعلومات التي كشفت عنها صحيفة لوموند بشأن مراقبة بيانات في فرنسا من قبل وكالة الأمن القومي الأميركية، وهو ما أثار احتجاجات باريس.
وأشارت لوموند إلى أنه وفقا لوثائق سربها المستشار السابق لدى الوكالة إدوارد سنودن، فقد تم جمع 70.3 مليون بيان هاتفي لفرنسيين في غضون ثلاثين يوما، خلال الفترة الممتدة من 10 ديسمبر/كانون الأول 2012 إلى 8 يناير/كانون الثاني 2013، وتجسست الوكالة أيضا على السفارات الفرنسية.
تحرك أميركي
وكانت أجهزة الاستخبارات الأميركية اضطرت إلى التحرك لمواجهة الغضب الذي عبرت عنه فرنسا إزاء فضيحة التجسس الأميركي، مؤكدة أن المعلومات الصحافية عن هذا الموضوع 'غير دقيقة ومضللة'.
وتدخل مدير الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر شخصيا في المسألة، مشككا في المقالات التي نشرتها صحيفة لوموند في فرنسا والتي أججت الجدال.
وقال كلابر، الذي يترأس 16 وكالة مخابرات ومن بينها وكالة الأمن القومي الأميركية، إن المعلومات التي تحدثت عن جمع بلاده أكثر من 70 مليون تسجيل لبيانات هاتفية لمواطنين فرنسيين هي خاطئة، من دون أن يحدد الأوجه غير الدقيقة في هذا التقرير.
وشدد على أن بلاده لن تتوسع في التفاصيل بشأن نشاطاتها، ولكنها قالت بوضوح إنها تجمع عناصر استخباراتية من نفس النوع الذي تجمعه كل الدول من أجل حماية مواطنيها ومصالحهم ومن أجل حماية حلفائها خصوصا مما وصفها بالتهديدات الإرهابية أو من انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وإزاء هذا التشكيك الأميركي، تمسكت لوموند الأربعاء بكامل معلوماتها، في حين قلل بعض المراقبين ووسائل الإعلام الفرنسية أيضا من أهمية الفتور بين العاصمتين، وأشار الخبراء أيضا إلى أن كلا من البلدين يحتاج إلى الآخر على صعيد التعاون في مكافحة ما سموه الإرهاب.
وطلب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تعاونا ثنائيا بين أجهزة الاستخبارات الفرنسية والأميركية للنظر من خلاله بوضوح في قضية سنودن، وهذا ما وافق عليه أوباما، كما قالت المتحدثة باسم الحكومة نجالة فالو بلقاسم الأربعاء.
التحقيق المكسيكي
وفي مكسيكو، أعلن وزير الداخلية المكسيكي أوسوريو شونغ أن بلاده ستقوم بتحقيق شامل بشأن أنشطة التجسس المنسوبة إلى الولايات المتحدة، وما إذا كان موظفون أو مواطنون مكسيكيون شاركوا فيها.
وقال إن الحكومة 'استعرضت وعززت الآليات الأمنية للاتصالات الصوتية والمعطيات، وكذلك الشبكات والبرمجيات وأنظمة الترميز والتشفير التي يستخدمها الرئيس وجميع الأجهزة الأمنية للحكومة' منذ وصول أنريكي بينيا نيينو إلى الرئاسة في ديسمبر/كانون الأول 2012.
وكان وزير الخارجية المكسيكي خوسيه أنطونيو ميادي أعلن قبل ذلك بقليل خلال زيارة إلى جنيف استدعاء السفير الأميركي قريبا لطلب توضيحات بشأن المعلومات المتعلقة بمراقبة وكالة الأمن القومي الأميركية البريد الإلكتروني للرئيس السابق فيلبي كالديرون.
وفي الخامس من سبتمبر/أيلول الماضي أكد الرئيس نييتو أن أوباما وعده بإجراء تحقيق حول الاتهامات بالتجسس خلال حملته الانتخابية في 2012.
ويوم الأحد الماضي كشفت مجلة دير شبيغل الألمانية أن وكالة الأمن القومي الأميركية تجسست على البريد الإلكتروني للرئيس المكسيكي السابق ابتداء من مايو/أيار 2010 'وبصورة منهجية وخلال سنوات على الحكومة المكسيكية'.