آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#1
ايات وتفاسير فى القران الكريم
اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور ، فمنهم من قال : هي مما استأثر الله بعلمه ، فردوا علمها إلى الله ، ولم يفسروها [ حكاه القرطبي في تفسيره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود - رضي الله عنهم - به ، وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خثيم ، واختاره [ ص: 157 ] أبو حاتم بن حبان ] .

ومنهم من فسرها ، واختلف هؤلاء في معناها ، فقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنما هي أسماء السور [ قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره : وعليه إطباق الأكثر ، ونقله عن سيبويه أنه نص عليه ] ، ويعتضد هذا بما ورد في الصحيحين ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة : " الم السجدة " ، وهل أتى على الإنسان .

وقال سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أنه قال : " الم " ، و " حم " ، و " المص " ، و " ص " ، فواتح افتتح الله بها القرآن .

وكذا قال غيره : عن مجاهد . وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عنه ، أنه قال : " الم " ، اسم من أسماء القرآن .

وهكذا قال قتادة ، وزيد بن أسلم ، ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد : أنه اسم من أسماء السور ، فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن ، فإنه يبعد أن يكون " المص " اسما للقرآن كله ؛ لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول : قرأت " المص " ، إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف ، لا لمجموع القرآن . والله أعلم .

وقيل : هي اسم من أسماء الله تعالى . فقال الشعبي : فواتح السور من أسماء الله تعالى ، وكذلك قال سالم بن عبد الله ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، وقال شعبة عن السدي : بلغني أن ابن عباس قال : " الم " اسم من أسماء الله الأعظم . هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة .

ورواه ابن جرير عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن شعبة ، قال : سألت السدي عن " حم " و " طس " و " الم " ، فقال : قال ابن عباس : هي اسم الله الأعظم .

وقال ابن جرير : وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا أبو النعمان ، حدثنا شعبة ، عن إسماعيل السدي ، عن مرة الهمداني قال : قال عبد الله ، فذكر نحوه [ وحكي مثله عن علي وابن عباس ] .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هو قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله تعالى .

وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة أنه قال : " الم " ، قسم .

ورويا - أيضا - من حديث شريك بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس : " الم " ، قال : أنا الله أعلم .

وكذا قال سعيد بن جبير ، وقال السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن [ ص: 158 ] مرة الهمداني عن ابن مسعود . وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " الم " . قال : أما " الم " فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى .

وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله تعالى : ( الم ) قال : هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه ، وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه ، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم . قال عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وعجب ، فقال : وأعجب أنهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه ، فكيف يكفرون به ؛ فالألف مفتاح اسم الله ، واللام مفتاح اسمه " لطيف " والميم مفتاح اسمه " مجيد " فالألف آلاء الله ، واللام لطف الله ، والميم مجد الله ، والألف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم أربعون [ سنة ] . هذا لفظ ابن أبي حاتم . ونحوه رواه ابن جرير ، ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها ، وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر ، وأن الجمع ممكن ، فهي أسماء السور ، ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور ، فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته ، كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه . قال : ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله ، وعلى صفة من صفاته ، وعلى مدة وغير ذلك ، كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية ؛ لأن الكلمة الواحدة تطلق على معان كثيرة ، كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد به الدين ، كقوله تعالى : (إنا وجدنا آباءنا على أمة ) [ الزخرف : 22 ، 23 ] . وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله ، كقوله : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) [ النحل : 120 ] وتطلق ويراد بها الجماعة ، كقوله : ( وجد عليه أمة من الناس يسقون ) [ القصص : 23 ] ، وقوله : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ) [ النحل : 36 ] وتطلق ويراد بها الحين من الدهر كقوله : ( وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة ) [ يوسف : 45 ] أي : بعد حين على أصح القولين ، قال : فكذلك هذا .

هذا حاصل كلامه موجها ، ولكن هذا ليس كما ذكره أبو العالية ، فإن أبا العالية زعم أن الحرف دل على هذا ، وعلى هذا ، وعلى هذا معا ، ولفظة الأمة وما أشبهها من الألفاظ المشتركة في الاصطلاح ، إنما دل في القرآن في كل موطن على معنى واحد دل عليه سياق الكلام ، فأما حمله على مجموع محامله إذا أمكن فمسألة مختلف فيها بين علماء الأصول ، ليس هذا موضع البحث فيها ، والله أعلم ؛ ثم إن لفظ الأمة تدل على كل معانيه في سياق الكلام بدلالة الوضع ، فأما دلالة الحرف الواحد على اسم يمكن أن يدل على اسم آخر من غير أن يكون أحدهما أولى من الآخر في التقدير أو الإضمار بوضع ولا بغيره ، فهذا مما لا يفهم إلا بتوقيف ، والمسألة مختلف فيها ، وليس فيها إجماع حتى يحكم به .
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#3
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

تفسير سوره العاديات وهو مكيه
بسم الله الرحمن الرحيم

( والعاديات ضبحا ( 1 ) فالموريات قدحا ( 2 ) فالمغيرات صبحا ( 3 ) فأثرن به نقعا ( 4 ) فوسطن به جمعا ( 5 ) إن الإنسان لربه لكنود ( 6 ) وإنه على ذلك لشهيد ( 7 ) وإنه لحب الخير لشديد ( 8 ) أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور ( 9 ) وحصل ما في الصدور ( 10 ) إن ربهم بهم يومئذ لخبير ( 11 ) )

يقسم تعالى بالخيل إذا أجريت في سبيله فعدت وضبحت ، وهو : الصوت الذي يسمع من الفرس حين تعدو . ( فالموريات قدحا ) يعني اصطكاك نعالها للصخر فتقدح منه النار .

( فالمغيرات صبحا ) يعني : الإغارة وقت الصباح ، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير صباحا ويتسمع أذانا ، فإن سمع وإلا أغار .

[ وقوله ] ( فأثرن به نقعا ) يعني : غبارا في [ مكان ] معترك الخيول .

( فوسطن به جمعا ) أي : توسطن ذلك المكان كلهن جمع .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبدة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم عن عبد الله : ( والعاديات ضبحا ) قال : الإبل .

وقال علي : هي الإبل . وقال ابن عباس : هي الخيل . فبلغ عليا قول ابن عباس ، فقال : ما كانت لنا خيل يوم بدر . قال ابن عباس : إنما كان ذلك في سرية بعثت .

قال ابن أبي حاتم وابن جرير : حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني أبو صخر ، عن أبي معاوية البجلي ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس حدثه ، قال : بينا أنا في الحجر جالسا ، جاءني رجل فسألني عن : ( والعاديات ضبحا ) فقلت له : الخيل حين تغير في سبيل الله ، ثم تأوي إلى الليل ، فيصنعون طعامهم ، ويورون نارهم . فانفتل عني فذهب إلى علي رضي الله عنه ، وهو عند سقاية زمزم فسأله عن ( والعاديات ضبحا ) فقال : سألت عنها أحدا قبلي ؟ قال : نعم ، سألت ابن عباس فقال : الخيل حين تغير في سبيل الله . قال : اذهب فادعه لي . فلما وقف على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك ، والله لئن كان أول غزوة في الإسلام بدر ، وما كان معنا إلا فرسان : فرس للزبير وفرس للمقداد ، فكيف تكون العاديات ضبحا ؟ إنما العاديات ضبحا من عرفة [ ص: 466 ] إلى المزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منى .

قال ابن عباس : فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي رضي الله عنه .

وبهذا الإسناد عن ابن عباس قال : قال علي : إنما ( والعاديات ضبحا ) من عرفة إلى المزدلفة ، فإذا أووا إلى المزدلفة أوروا النيران .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : هي الخيل .

وقد قال بقول علي : إنها الإبل جماعة . منهم : إبراهيم وعبيد بن عمير وبقول ابن عباس آخرون ، منهم : مجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، وقتادة ، والضحاك . واختاره ابن جرير .

قال ابن عباس وعطاء : ما ضبحت دابة قط إلا فرس أو كلب .

وقال ابن جريج ، عن عطاء : سمعت ابن عباس يصف الضبح : أح أح .

وقال أكثر هؤلاء في قوله : ( فالموريات قدحا ) يعني : بحوافرها . وقيل : أسعرن الحرب بين ركبانهن . قاله قتادة .

وعن ابن عباس ومجاهد : ( فالموريات قدحا ) يعني : مكر الرجال .

وقيل : هو إيقاد النار إذا رجعوا إلى منازلهم من الليل .

وقيل : المراد بذلك : نيران القبائل .

وقال من فسرها بالخيل : هو إيقاد النار بالمزدلفة .

وقال ابن جرير : والصواب الأول ; أنها الخيل حين تقدح بحوافرها .

وقوله ( فالمغيرات صبحا ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : يعني إغارة الخيل صبحا في سبيل الله .

وقال من فسرها بالإبل : هو الدفع صبحا من المزدلفة إلى منى .

وقالوا كلهم في قوله : ( فأثرن به نقعا ) هو : المكان الذي إذا حلت فيه أثارت به الغبار ، إما في حج أو غزو .

وقوله : ( فوسطن به جمعا ) قال العوفي ، عن ابن عباس ، وعطاء ، وعكرمة ، وقتادة ، والضحاك : يعني جمع الكفار من العدو .

ويحتمل أن يكون : فوسطن بذلك المكان جميعهن ، ويكون ( جمعا ) منصوبا على الحال المؤكدة .

وقد روى أبو بكر البزار هاهنا حديثا [ غريبا جدا ] فقال : حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا حفص بن جميع ، حدثنا سماك ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا [ ص: 467 ] فأشهرت شهرا لا يأتيه منها خبر ، فنزلت : ( والعاديات ضبحا ) ضبحت بأرجلها ( فالموريات قدحا ) قدحت بحوافرها الحجارة فأورت نارا ( فالمغيرات صبحا ) صبحت القوم بغارة ( فأثرن به نقعا ) أثارت بحوافرها التراب ( فوسطن به جمعا ) قال : صبحت القوم جميعا .

وقوله : ( إن الإنسان لربه لكنود ) هذا هو المقسم عليه ، بمعنى : أنه لنعم ربه لجحود كفور .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وإبراهيم النخعي ، وأبو الجوزاء ، وأبو العالية ، وأبو الضحى ، وسعيد بن جبير ، ومحمد بن قيس ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، وابن زيد : الكنود : الكفور . قال الحسن : هو الذي يعد المصائب ، وينسى نعم ربه .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الإنسان لربه لكنود ) قال : " الكفور الذي يأكل وحده ، ويضرب عبده ، ويمنع رفده " .

ورواه ابن أبي حاتم ، من طريق جعفر بن الزبير - وهو متروك - فهذا إسناد ضعيف . وقد رواه ابن جرير أيضا من حديث حريز بن عثمان ، عن حمزة بن هانئ ، عن أبي أمامة موقوفا .

وقوله : ( وإنه على ذلك لشهيد ) قال قتادة وسفيان الثوري : وإن الله على ذلك لشهيد . ويحتمل أن يعود الضمير على الإنسان ، قاله محمد بن كعب القرظي ، فيكون تقديره : وإن الإنسان على كونه كنودا لشهيد ، أي : بلسان حاله ، أي : ظاهر ذلك عليه في أقواله وأفعاله ، كما قال تعالى : ( ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ) [ التوبة : 17 ]

وقوله : ( وإنه لحب الخير لشديد ) أي : وإنه لحب الخير - وهو : المال - لشديد . وفيه مذهبان :

أحدهما : أن المعنى : وإنه لشديد المحبة للمال .

والثاني : وإنه لحريص بخيل ; من محبة المال . وكلاهما صحيح .

ثم قال تعالى مزهدا في الدنيا ، ومرغبا في الآخرة ، ومنبها على ما هو كائن بعد هذه الحال ، وما يستقبله الإنسان من الأهوال : ( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور ) أي : أخرج ما فيها من الأموات ( وحصل ما في الصدور ) قال ابن عباس وغيره : يعني أبرز وأظهر ما كانوا يسرون في نفوسهم ( إن ربهم بهم يومئذ لخبير ) أي : لعالم بجميع ما كانوا يصنعون ويعملون ، مجازيهم عليه أوفر الجزاء ، ولا يظلم مثقال ذرة . آخر [ تفسير ] سورة " والعاديات " ولله الحمد [ والمنة ، وحسبنا الله ]
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#4
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

تفسير سورة النازعات وهي مكية .

بسم الله الرحمن الرحيم

( والنازعات غرقا ( 1 ) والناشطات نشطا ( 2 ) والسابحات سبحا ( 3 ) فالسابقات سبقا ( 4 ) فالمدبرات أمرا ( 5 ) يوم ترجف الراجفة ( 6 ) تتبعها الرادفة ( 7 ) قلوب يومئذ واجفة ( 8 ) أبصارها خاشعة ( 9 ) يقولون أئنا لمردودون في الحافرة ( 10 ) أئذا كنا عظاما نخرة ( 11 ) قالوا تلك إذا كرة خاسرة ( 12 ) فإنما هي زجرة واحدة ( 13 ) فإذا هم بالساهرة ( 14 ) )

قال ابن مسعود وابن عباس ، ومسروق ، وسعيد بن جبير ، وأبو صالح ، وأبو الضحى ، والسدي : ( والنازعات غرقا ) الملائكة ، يعنون حين تنزع أرواح بني آدم ، فمنهم من تأخذ روحه بعنف فتغرق في نزعها ، و [ منهم ] من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حلته من نشاط ، وهو قوله : ( والناشطات نشطا ) قاله ابن عباس .

وعن ابن عباس : ( والنازعات ) هي أنفس الكفار ، تنزع ثم تنشط ، ثم تغرق في النار . رواه ابن أبي حاتم .

وقال مجاهد : ( والنازعات غرقا ) الموت . وقال الحسن ، وقتادة : ( والنازعات غرقا والناشطات نشطا ) هي النجوم .

وقال عطاء بن أبي رباح في قوله : ( والنازعات ) و ) الناشطات ) هي القسي في القتال . والصحيح الأول ، وعليه الأكثرون .

وأما قوله : ( والسابحات سبحا ) فقال ابن مسعود : هي الملائكة . وروي عن علي ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبي صالح مثل ذلك .

وعن مجاهد : ( والسابحات سبحا ) الموت . وقال قتادة : هي النجوم . وقال عطاء بن أبي رباح : هي السفن .

وقوله : ( فالسابقات سبقا ) روي عن علي ، ومسروق ، ومجاهد ، وأبي صالح ، والحسن البصري : يعني الملائكة ; قال الحسن : سبقت إلى الإيمان والتصديق به . وعن مجاهد : الموت . وقال قتادة : هي النجوم وقال عطاء : هي الخيل في سبيل الله .

[ ص: 313 ]

وقوله : ( فالمدبرات أمرا ) قال علي ، ومجاهد ، وعطاء ، وأبو صالح ، والحسن ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، والسدي : هي الملائكة ، زاد الحسن : تدبر الأمر من السماء إلى الأرض . يعني : بأمر ربها - عز وجل - . ولم يختلفوا في هذا ، ولم يقطع ابن جرير بالمراد في شيء من ذلك ، إلا أنه حكى في ( فالمدبرات أمرا ) أنها الملائكة ، ولا أثبت ولا نفى .

وقوله : ( يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة ) قال ابن عباس هما النفختان الأولى والثانية . وهكذا قال مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وغير واحد .

وعن مجاهد : أما الأولى - وهي قوله : ( يوم ترجف الراجفة ) - فكقوله جلت عظمته : ( يوم ترجف الأرض والجبال ) [ المزمل : 14 ] ، والثانية - وهي الرادفة - فهي كقوله : ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ) [ الحاقة : 14 ] .

وقد قال الإمام أحمد حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " جاءت الراجفة ، تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه " . فقال رجل : يا رسول الله ، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك ؟ قال : " إذا يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك " .

وقد رواه الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من حديث سفيان الثوري ، بإسناده مثله ولفظ الترمذي وابن أبي حاتم : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ثلث الليل قام فقال : " يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه " .

وقوله : ( قلوب يومئذ واجفة ) قال ابن عباس : يعني خائفة . وكذا قال مجاهد ، وقتادة .

( أبصارها خاشعة ) أي : أبصار أصحابها . وإنما أضيف إليها ; للملابسة ، أي : ذليلة حقيرة ; مما عاينت من الأهوال .

وقوله : ( يقولون أئنا لمردودون في الحافرة ) ؟ يعني : مشركي قريش ومن قال بقولهم في إنكار المعاد ، يستبعدون وقوع البعث بعد المصير إلى الحافرة ، وهي القبور ، قاله مجاهد . وبعد تمزق أجسادهم وتفتت عظامهم ونخورها ; ولهذا قالوا : ( أئذا كنا عظاما نخرة ) ؟ وقرئ : " ناخرة " .

وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : أي بالية . قال ابن عباس : وهو العظم إذا بلي ودخلت

الريح فيه . ( قالوا تلك إذا كرة خاسرة )

وعن ابن عباس ، ومحمد بن كعب ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وأبي مالك ، والسدي ، وقتادة : الحافرة : الحياة بعد الموت . وقال ابن زيد : الحافرة : النار . وما أكثر أسمائها ! هي النار ، والجحيم ، وسقر ، وجهنم ، والهاوية ، والحافرة ، ولظى ، والحطمة .

وأما قولهم : ( تلك إذا كرة خاسرة ) فقال محمد بن كعب : قالت قريش : لئن أحيانا الله بعد أن نموت لنخسرن .

[ ص: 314 ]

قال الله تعالى : ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) أي : فإنما هو أمر من الله لا مثنوية فيه ولا تأكيد ، فإذا الناس قيام ينظرون ، وهو أن يأمر تعالى إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث ، فإذا الأولون والآخرون قيام بين يدي الرب - عز وجل - ينظرون ، كما قال : ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) [ الإسراء : 52 ] وقال تعالى : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ) [ القمر : 50 ] وقال تعالى : ( وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب ) [ النحل : 77 ] .

قال مجاهد : ( فإنما هي زجرة واحدة ) صيحة واحدة .

وقال إبراهيم التيمي : أشد ما يكون الرب غضبا على خلقه يوم يبعثهم .

وقال الحسن البصري : زجرة من الغضب . وقال أبو مالك ، والربيع بن أنس : زجرة واحدة : هي النفخة الآخرة .

وقوله : ( فإذا هم بالساهرة ) قال ابن عباس : ( بالساهرة ) الأرض كلها . وكذا قال سعيد بن جبير ، وقتادة ، وأبو صالح .

وقال عكرمة ، والحسن ، والضحاك ، وابن زيد : ( بالساهرة ) وجه الأرض .

وقال مجاهد : كانوا بأسفلها فأخرجوا إلى أعلاها . قال : و ( بالساهرة ) المكان المستوي .

وقال الثوري : ( بالساهرة ) أرض الشام ، وقال عثمان بن أبي العاتكة : ( بالساهرة ) أرض بيت المقدس . وقال وهب بن منبه : ( الساهرة ) جبل إلى جانب بيت المقدس . وقال قتادة أيضا : ( بالساهرة ) جهنم .

وهذه أقوال كلها غريبة ، والصحيح أنها الأرض وجهها الأعلى .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا خزر بن المبارك الشيخ الصالح ، حدثنا بشر بن السري ، حدثنا مصعب بن ثابت ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي : ( فإذا هم بالساهرة ) قال : أرض بيضاء عفراء خالية كالخبزة النقي .

وقال الربيع بن أنس : ( فإذا هم بالساهرة ) ويقول الله - عز وجل - : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) [ إبراهيم : 48 ] ، ويقول : ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) [ طه : 105 ، 106 ] . وقال : ( ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة ) [ الكهف : 47 ] : وبرزت الأرض التي عليها الجبال ، وهي لا تعد من هذه الأرض ، وهي أرض لم يعمل عليها خطيئة ، ولم يراق عليها دم .
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#5
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

تفسير سورة ويل لكل همزة لمزة وهي مكية .

بسم الله الرحمن الرحيم

( ويل لكل همزة لمزة ( 1 ) الذي جمع مالا وعدده ( 2 ) يحسب أن ماله أخلده ( 3 ) كلا لينبذن في الحطمة ( 4 ) وما أدراك ما الحطمة ( 5 ) نار الله الموقدة ( 6 ) التي تطلع على الأفئدة ( 7 ) إنها عليهم مؤصدة ( 8 ) في عمد ممددة ( 9 ) )

الهماز : بالقول ، واللماز : بالفعل . يعني : يزدري بالناس وينتقص بهم . وقد تقدم بيان ذلك في قوله : ( هماز مشاء بنميم ) [ القلم : 11 ] .

قال ابن عباس : ( همزة لمزة ) طعان معياب . وقال الربيع بن أنس : الهمزة ، يهمزه في وجه ، واللمزة من خلفه . وقال قتادة : يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه ، ويأكل لحوم الناس ، ويطعن عليهم .

وقال مجاهد : الهمزة : باليد والعين ، واللمزة : باللسان . وهكذا قال ابن زيد . وقال مالك ، عن زيد بن أسلم : همزة : لحوم الناس .

ثم قال بعضهم : المراد بذلك الأخنس بن شريق . وقيل غيره . وقال مجاهد : هي عامة .

وقوله : ( الذي جمع مالا وعدده ) أي : جمعه بعضه على بعض ، وأحصى عدده كقوله : ( وجمع فأوعى ) [ المعارج : 18 ] قاله السدي وابن جرير .

وقال محمد بن كعب في قوله : ( جمع مالا وعدده ) ألهاه ماله بالنهار ، هذا إلى هذا ، فإذا كان الليل ، نام كأنه جيفة .

وقوله : ( يحسب أن ماله أخلده ) أي : يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار ؟ ( كلا ) أي : ليس الأمر كما زعم ولا كما حسب . ثم قال تعالى : ( لينبذن في الحطمة ) أي : ليلقين هذا الذي جمع مالا فعدده في الحطمة وهي اسم من أسماء النار صفة ; لأنها تحطم من فيها .

ولهذا قال : ( وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة ) قال ثابت البناني : تحرقهم إلى الأفئدة وهم أحياء ، ثم يقول : لقد بلغ منهم العذاب ، ثم يبكي .

[ ص: 482 ]

وقال محمد بن كعب : تأكل كل شيء من جسده ، حتى إذا بلغت فؤاده حذو حلقه ترجع على جسده .

وقوله : ( إنها عليهم مؤصدة ) أي : مطبقة كما تقدم تفسيره في سورة البلد .

وقال ابن مردويه : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا علي بن سراج ، حدثنا عثمان بن خرزاذ ، حدثنا شجاع بن أشرس ، حدثنا شريك ، عن عاصم ، عن أبي صالح عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنها عليهم مؤصدة ) قال : " مطبقة " .

وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة ، عن عبد الله بن أسيد ، عن إسماعيل بن خالد ، عن أبي صالح ، قوله ، ولم يرفعه .

( في عمد ممددة ) قال عطية العوفي : عمد من حديد . وقال السدي : من نار . وقال شبيب بن بشر ، عن عكرمة عن ابن عباس : ( في عمد ممددة ) يعني : الأبواب هي الممدوة .

وقال قتادة في قراءة عبد الله بن مسعود : إنها عليهم مؤصدة بعمد ممدة .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : أدخلهم في عمد فمدت عليهم بعماد ، وفي أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب .

وقال قتادة : كنا نحدث أنهم يعذبون بعمد في النار . واختاره ابن جرير .

وقال أبو صالح : ( في عمد ممددة ) يعني القيود الطوال . آخر تفسير سورة " ويل لكل همزة لمزة "
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#6
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

تفسير سورة الذاريات وهي مكية .

بسم الله الرحمن الرحيم ( والذاريات ذروا ( 1 ) فالحاملات وقرا ( 2 ) فالجاريات يسرا ( 3 ) فالمقسمات أمرا ( 4 ) إنما توعدون لصادق ( 5 ) وإن الدين لواقع ( 6 ) والسماء ذات الحبك ( 7 ) إنكم لفي قول مختلف ( 8 ) يؤفك عنه من أفك ( 9 ) قتل الخراصون ( 10 ) الذين هم في غمرة ساهون ( 11 ) يسألون أيان يوم الدين ( 12 ) يوم هم على النار يفتنون ( 13 ) ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ( 14 ) )

قال شعبة بن الحجاج ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة أنه سمع عليا وشعبة أيضا ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل ، سمع عليا . وثبت أيضا من غير وجه ، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : أنه صعد منبر الكوفة فقال : لا تسألوني عن آية في كتاب الله ، ولا عن سنة عن رسول الله ، إلا أنبأتكم بذلك . فقام إليه ابن الكواء فقال : يا أمير المؤمنين ، ما معنى قوله تعالى : ( والذاريات ذروا ) ؟ قال : الريح [ قال ] : ( فالحاملات وقرا ) ؟ قال : السحاب . [ قال ] : ( فالجاريات يسرا ) ؟ قال : السفن . [ قال ] : ( فالمقسمات أمرا ) ؟ قال : الملائكة .

وقد روي في ذلك حديث مرفوع ، فقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن هانئ ، حدثنا سعيد بن سلام العطار ، حدثنا أبو بكر بن أبي سبرة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن ( الذاريات ذروا ) ؟ فقال : هي الرياح ، ولولا أنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله ما قلته . قال : فأخبرني عن ( المقسمات أمرا ) قال : هي الملائكة ، ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله ما قلته . قال : فأخبرني عن ( الجاريات يسرا ) قال : هي السفن ، ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله ما قلته . ثم أمر به فضرب مائة ، وجعل في بيت ، فلما برأ [ دعا به و ] ضربه مائة أخرى ، وحمله على قتب ، وكتب إلى أبي موسى الأشعري : امنع الناس من مجالسته . فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف بالأيمان الغليظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئا . فكتب في ذلك إلى عمر ، فكتب عمر : ما إخاله إلا صدق ، فخل بينه وبين مجالسة الناس .

[ ص: 414 ] قال أبو بكر البزار : فأبو بكر بن أبي سبرة لين ، وسعيد بن سلام ليس من أصحاب الحديث .

قلت : فهذا الحديث ضعيف رفعه ، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر ، فإن قصة صبيغ بن عسل مشهورة مع عمر ، وإنما ضربه لأنه ظهر له من أمره فيما يسأل تعنت وعناد ، والله أعلم .

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر هذه القصة في ترجمة صبيغ مطولة . وهكذا فسرها ابن عباس ، وابن عمر ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، وغير واحد . ولم يحك ابن جرير وابن أبي حاتم غير ذلك .

وقد قيل : إن المراد بالذاريات : الريح كما تقدم وبالحاملات وقرا : السحاب كما تقدم ; لأنها تحمل الماء ، كما قال زيد بن عمرو بن نفيل :


وأسلمت نفسي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا


فأما الجاريات يسرا ، فالمشهور عن الجمهور - كما تقدم - : أنها السفن ، تجري ميسرة في الماء جريا سهلا . وقال بعضهم : هي النجوم تجري يسرا في أفلاكها ، ليكون ذلك ترقيا من الأدنى إلى الأعلى ، إلى ما هو أعلى منه ، فالرياح فوقها السحاب ، والنجوم فوق ذلك ، والمقسمات أمرا الملائكة فوق ذلك ، تنزل بأوامر الله الشرعية والكونية . وهذا قسم من الله عز جل على وقوع المعاد ; ولهذا قال : ( إنما توعدون لصادق ) أي : لخبر صدق ، ( وإن الدين ) ، وهو : الحساب ) لواقع ) أي : لكائن لا محالة .

ثم قال : ( والسماء ذات الحبك ) قال ابن عباس : ذات البهاء والجمال والحسن والاستواء . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وأبو مالك ، وأبو صالح ، والسدي ، وقتادة ، وعطية العوفي ، والربيع بن أنس ، وغيرهم .

وقال الضحاك ، والمنهال بن عمرو ، وغيرهما : مثل تجعد الماء والرمل والزرع إذا ضربته الريح ، فينسج بعضه بعضا طرائق [ طرائق ] ، فذلك الحبك .

قال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; أنه قال : " إن من ورائكم الكذاب المضل ، وإن رأسه من ورائه حبك حبك " يعني بالحبك الجعودة .

وعن أبي صالح : ( ذات الحبك ) : الشدة . وقال خصيف : ( ذات الحبك ) : ذات الصفاقة . [ ص: 415 ] وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : ( ذات الحبك ) : حبكت بالنجوم .

وقال قتادة : عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن عمرو البكالي ، عن عبد الله بن عمرو : ( والسماء ذات الحبك ) : يعني السماء السابعة .

وكأنه - والله أعلم - أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة ، وهي عند كثير من علماء الهيئة في الفلك الثامن الذي فوق السابع ، والله أعلم . وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد ، وهو الحسن والبهاء ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ، فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة ، شديدة البناء ، متسعة الأرجاء ، أنيقة البهاء ، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات ، موشحة بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات .

وقوله : ( إنكم لفي قول مختلف ) أي : إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل لفي قول مختلف مضطرب ، لا يلتئم ولا يجتمع .

وقال قتادة : إنكم لفي قول مختلف ، [ يعني ] ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به .

( يؤفك عنه من أفك ) أي : إنما يروج على من هو ضال في نفسه ; لأنه قول باطل إنما ينقاد له ويضل بسببه ويؤفك عنه من هو مأفوك ضال غمر ، لا فهم له ، كما قال تعالى : ( فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم ) [ الصافات : 161 - 163 ] .

قال ابن عباس ، والسدي : ( يؤفك عنه من أفك ) : يضل عنه من ضل . وقال مجاهد : ( يؤفك عنه من أفك ) يؤفن عنه من أفن . وقال الحسن البصري : يصرف عن هذا القرآن من كذب به .

وقوله : ( قتل الخراصون ) قال مجاهد : الكذابون . قال : وهي مثل التي في عبس : ( قتل الإنسان ما أكفره ) [ عبس : 17 ] ، والخراصون الذين يقولون لا نبعث ولا يوقنون .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( قتل الخراصون ) أي : لعن المرتابون .

وهكذا كان معاذ - رضي الله عنه - يقول في خطبه : هلك المرتابون . وقال قتادة : الخراصون أهل الغرة والظنون .

وقوله : ( الذين هم في غمرة ساهون ) : قال ابن عباس وغير واحد : في الكفر والشك غافلون لاهون .

( يسألون أيان يوم الدين ) : وإنما يقولون هذا تكذيبا وعنادا وشكا واستبعادا . قال الله تعالى : ( يوم هم على النار يفتنون ) .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، وغير واحد : ( يفتنون ) : يعذبون [ قال مجاهد ] : كما [ ص: 416 ] يفتن الذهب على النار .

وقال جماعة آخرون كمجاهد أيضا ، وعكرمة ، وإبراهيم النخعي ، وزيد بن أسلم ، وسفيان الثوري : ( يفتنون ) : يحرقون .

( ذوقوا فتنتكم ) : قال مجاهد : حريقكم . وقال غيره : عذابكم . ( هذا الذي كنتم به تستعجلون ) : أي : يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتحقيرا وتصغيرا .
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#7
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

تفسير سورة الأحقاف وهي مكية .

بسم الله الرحمن الرحيم

( حم ( 1 ) تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ( 2 ) ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون ( 3 ) قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين ( 4 ) ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ( 5 ) وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ( 6 ) ) .

يخبر تعالى أنه نزل الكتاب على عبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين ، ووصف نفسه بالعزة التي لا ترام ، والحكمة في الأقوال والأفعال ، ثم قال : ( ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ) أي : لا على وجه العبث والباطل ، ( وأجل مسمى ) أي : إلى مدة معينة مضروبة لا تزيد ولا تنقص .

قوله : ( والذين كفروا عما أنذروا معرضون ) أي : لاهون عما يراد بهم ، وقد أنزل إليهم كتابا وأرسل إليهم رسول ، وهم معرضون عن ذلك كله ، أي : وسيعلمون غب ذلك .

ثم قال : ( قل ) أي : لهؤلاء المشركين العابدين مع الله غيره : ( أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض ) أي : أرشدوني إلى المكان الذي استقلوا بخلقه من الأرض ، ( أم لهم شرك في السموات ) أي : ولا شرك لهم في السموات ولا في الأرض ، وما يملكون من قطمير ، إن الملك والتصرف كله إلا لله ، عز وجل ، فكيف تعبدون معه غيره ، وتشركون به ؟ من أرشدكم إلى هذا ؟ من دعاكم إليه ؟ أهو أمركم به ؟ أم هو شيء اقترحتموه من عند أنفسكم ؟ ولهذا قال : ( ائتوني بكتاب من قبل هذا ) أي : هاتوا كتابا من كتب الله المنزلة على الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام ، يأمركم بعبادة هذه الأصنام ، ( أو أثارة من علم ) أي : دليل بين على هذا المسلك الذي سلكتموه ( إن كنتم صادقين ) أي : لا دليل لكم نقليا ولا عقليا على ذلك ; ولهذا قرأ آخرون : " أو أثرة من علم " أي : أو علم صحيح يأثرونه عن أحد ممن قبلهم ، كما قال مجاهد في قوله : ( أو أثارة من علم ) أو أحد يأثر علما .

[ ص: 275 ]

وقال العوفي ، عن ابن عباس : أو بينة من الأمر .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، حدثنا صفوان بن سليم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن ابن عباس قال سفيان : لا أعلم إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أو أثرة من علم " قال : " الخط " .

وقال أبو بكر بن عياش : أو بقية من علم . وقال الحسن البصري : ( أو أثارة ) شيء يستخرجه فيثيره .

وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو بكر بن عياش أيضا : ( أو أثارة من علم ) يعني الخط .

وقال قتادة : ( أو أثارة من علم ) خاصة من علم .

وكل هذه الأقوال متقاربة ، وهي راجعة إلى ما قلناه ، وهو اختيار ابن جرير رحمه الله وأكرمه ، وأحسن مثواه .

وقوله : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ) أي : لا أضل ممن يدعو أصناما ، ويطلب منها ما لا تستطيعه إلى يوم القيامة ، وهي غافلة عما يقول ، لا تسمع ولا تبصر ولا تبطش ; لأنها جماد حجارة صم .

وقوله : ( وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ) ، كقوله تعالى : ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ) [ مريم : 81 ، 82 ] أي : سيخونونهم أحوج ما يكونون إليهم ، وقال الخليل : ( إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) [ العنكبوت : 25 ] . إذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين ( 7 ) أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم ( 8 ) قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين ( 9 ) ) .

يقول تعالى مخبرا عن المشركين في كفرهم وعنادهم : أنهم إذا تتلى عليهم آيات الله بينات ، أي : في حال بيانها ووضوحها وجلائها ، يقولون : ( هذا سحر مبين ) أي : سحر واضح ، وقد كذبوا وافتروا وضلوا وكفروا ( أم يقولون افتراه ) يعنون : محمدا - صلى الله عليه وسلم - . قال الله [ تعالى ] ( قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا ) أي : لو كذبت عليه وزعمت أنه أرسلني - وليس كذلك - لعاقبني أشد [ ص: 276 ] العقوبة ، ولم يقدر أحد من أهل الأرض ، لا أنتم ولا غيركم أن يجيرني منه ، كقوله : ( قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته ) [ الجن : 22 ، 23 ] ، وقال تعالى : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل . لأخذنا منه باليمين . ثم لقطعنا منه الوتين . فما منكم من أحد عنه حاجزين ) [ الحاقة : 44 - 47 ] ; ولهذا قال هاهنا : ( قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم ) ، هذا تهديد لهم ، ووعيد أكيد ، وترهيب شديد .

وقوله : ( وهو الغفور الرحيم ) ترغيب لهم إلى التوبة والإنابة ، أي : ومع هذا كله إن رجعتم وتبتم ، تاب عليكم وعفا عنكم ، وغفر [ لكم ] ورحم . وهذه الآية كقوله في سورة الفرقان : ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا . قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما ) [ الفرقان : 5 ، 6 ] .

وقوله : ( قل ما كنت بدعا من الرسل ) أي : لست بأول رسول طرق العالم ، بل قد جاءت الرسل من قبلي ، فما أنا بالأمر الذي لا نظير له حتى تستنكروني وتستبعدوا بعثتي إليكم ، فإنه قد أرسل الله قبلي جميع الأنبياء إلى الأمم .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : ( قل ما كنت بدعا من الرسل ) ما أنا بأول رسول . ولم يحك ابن جرير ولا ابن أبي حاتم غير ذلك .

وقوله : ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية : نزل بعدها ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) [ الفتح : 2 ] . وهكذا قال عكرمة ، والحسن ، وقتادة : إنها منسوخة بقوله : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) ، قالوا : ولما نزلت هذه الآية قال رجل من المسلمين : هذا قد بين الله ما هو فاعل بك يا رسول الله ، فما هو فاعل بنا ؟ فأنزل الله : ( ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات ) [ الفتح : 5 ] .

هكذا قال ، والذي هو ثابت في الصحيح أن المؤمنين قالوا : هنيئا لك يا رسول الله ، فما لنا ؟ فأنزل الله هذه الآية .

وقال الضحاك : ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) : ما أدري بماذا أومر ، وبماذا أنهى بعد هذا ؟

وقال أبو بكر الهذلي ، عن الحسن البصري في قوله : ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) قال : أما في الآخرة فمعاذ الله ، قد علم أنه في الجنة ، ولكن قال : لا أدري ما يفعل بي ولا بكم في الدنيا ، أخرج كما أخرجت الأنبياء [ من ] قبلي ؟ أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي ؟ ولا أدري أيخسف بكم أو ترمون بالحجارة ؟

وهذا القول هو الذي عول عليه ابن جرير ، وأنه لا يجوز غيره ، ولا شك أن هذا هو اللائق به ، صلوات الله وسلامه عليه ، فإنه بالنسبة إلى الآخرة جازم أنه يصير إلى الجنة هو ومن اتبعه ، وأما في الدنيا فلم يدر ما كان يئول إليه أمره وأمر مشركيقريش إلى ماذا : أيؤمنون أم يكفرون ، فيعذبون [ ص: 277 ] فيستأصلون بكفرهم ؟ فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد :

حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أم العلاء - وهي امرأة من نسائهم - أخبرته - وكانت بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - قالت : طار لهم في السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين عثمان بن مظعون . فاشتكى عثمان عندنا فمرضناه ، حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه ، فدخل علينا رسول الله فقلت : رحمة الله عليك أبا السائب ، شهادتي عليك ، لقد أكرمك الله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " وما يدريك أن الله أكرمه ؟ " فقلت : لا أدري بأبي أنت وأمي ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أما هو فقد جاءه اليقين من ربه ، وإني لأرجو له الخير ، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ! " قالت : فقلت : والله لا أزكي أحدا بعده أبدا . وأحزنني ذلك ، فنمت فرأيت لعثمان عينا تجري ، فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذاك عمله " .

فقد انفرد بإخراجه البخاري دون مسلم ، وفي لفظ له : " ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به " . وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ ، بدليل قولها : " فأحزنني ذلك " . وفي هذا وأمثاله دلالة على أنه لا يقطع لمعين بالجنة إلا الذي نص الشارع على تعيينهم ، كالعشرة ، وابن سلام ، والغميصاء ، وبلال ، وسراقة ، وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر ، والقراء السبعين الذين قتلوا ببئر معونة ، وزيد بن حارثة ، وجعفر ، وابن رواحة ، وما أشبه هؤلاء .

وقوله : ( إن أتبع إلا ما يوحى إلي ) أي : إنما أتبع ما ينزله الله علي من الوحي ، ( وما أنا إلا نذير مبين ) أي : بين النذارة ، وأمري ظاهر لكل ذي لب وعقل
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#8
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

سألة: الجزء السابع التحليل الموضوعي
( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ( 10 ) وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ( 11 ) ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين ( 12 ) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 13 ) أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون ( 14 ) ) .

يقول تعالى : ( قل ) يا محمد لهؤلاء المشركين الكافرين بالقرآن : ( أرأيتم إن كان ) هذا القرآن ( من عند الله وكفرتم به ) أي : ما ظنكم أن الله صانع بكم إن كان هذا الكتاب الذي جئتكم به قد أنزله [ ص: 278 ] علي لأبلغكموه ، وقد كفرتم به وكذبتموه ، ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) أي : وقد شهدت بصدقه وصحته الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء قبلي ، بشرت به وأخبرت بمثل ما أخبر هذا القرآن به .

وقوله : ( فآمن ) أي : هذا الذي شهد بصدقه من بني إسرائيل لمعرفته بحقيته ) واستكبرتم ) أنتم : عن اتباعه .

وقال مسروق : فآمن هذا الشاهد بنبيه وكتابه ، وكفرتم أنتم بنبيكم وكتابكم ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين )

وهذا الشاهد اسم جنس يعم عبد الله بن سلام وغيره ؛ فإن هذه الآية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام . وهذه كقوله : ( وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ) [ القصص : 53 ] ، وقال : ( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) [ الإسراء : 107 ، 108 ] .

قال مسروق ، والشعبي : ليس بعبد الله بن سلام ، هذه الآية مكية ، وإسلام عبد الله بن سلام كان بالمدينة . رواه عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم ، واختاره ابن جرير .

وقال مالك ، عن أبي النضر ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأحد يمشي على وجه الأرض : " إنه من أهل الجنة " ، إلا لعبد الله بن سلام ، قال : وفيه نزلت : ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله )

رواه البخاري ومسلم والنسائي ، من حديث مالك ، به . وكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك ، وقتادة ، وعكرمة ، ويوسف بن عبد الله بن سلام ، وهلال بن يساف ، والسدي ، والثوري ، ومالك بن أنس ، وابن زيد ; أنهم كلهم قالوا : إنه عبد الله بن سلام .

وقوله تعالى : ( وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) أي : قالوا عن المؤمنين بالقرآن : لو كان القرآن خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه . يعنون بلالا وعمارا وصهيبا وخبابا وأشباههم وأقرانهم من المستضعفين والعبيد والإماء ، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية . وقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا ، وأخطئوا خطأ بينا ، كما قال تعالى : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) [ الأنعام : 53 ] أي : يتعجبون : كيف اهتدى هؤلاء دوننا ; ولهذا قالوا : ( لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة : هو بدعة ; لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ؛ لأنهم [ ص: 279 ] لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها .

وقوله : ( وإذ لم يهتدوا به ) أي : بالقرآن ( فسيقولون هذا إفك ) أي : كذب ) قديم ) أي : مأثور عن الأقدمين ، فينتقصون القرآن وأهله ، وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بطر الحق ، وغمط الناس " .

ثم قال : ( ومن قبله كتاب موسى ) وهو التوراة ( إماما ورحمة وهذا كتاب ) يعني القرآن ) مصدق ) أي : لما قبله من الكتب ( لسانا عربيا ) أي : فصيحا بينا واضحا ، ( لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين ) أي : مشتمل على النذارة للكافرين والبشارة للمؤمنين .

وقوله : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ) تقدم تفسيرها في سورة " حم ، السجدة " .

وقوله : ( فلا خوف عليهم ) أي : فيما يستقبلون ، ( ولا هم يحزنون ) على ما خلفوا ، ( أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون ) أي : الأعمال سبب لنيل الرحمة لهم وسبوغها عليهم .
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#9
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين ( 15 ) أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ( 16 ) ) .

لما ذكر تعالى في الآية الأولى التوحيد له وإخلاص العبادة والاستقامة إليه ، عطف بالوصية بالوالدين ، كما هو مقرون في غير ما آية من القرآن ، كقوله : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) [ الإسراء : 23 ] وقال : ( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) [ لقمان : 14 ] ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة . وقال هاهنا : ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ) أي : أمرناه بالإحسان إليهما والحنو عليهما .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، أخبرني سماك بن حرب قال : سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد قال : قالت أم سعد لسعد : أليس قد أمر الله بطاعة الوالدين ، فلا آكل طعاما ، ولا أشرب شرابا حتى تكفر بالله . فامتنعت من الطعام والشراب ، حتى جعلوا يفتحون فاها بالعصا ، ونزلت هذه الآية : ( ووصينا الإنسان بوالديه حسنا ) الآية [ العنكبوت : 8 ] .

[ ص: 280 ]

ورواه مسلم وأهل السنن إلا ابن ماجه ، من حديث شعبة بإسناده ، نحوه وأطول منه .

( حملته أمه كرها ) أي : قاست بسببه في حال حمله مشقة وتعبا ، من وحام وغشيان وثقل وكرب ، إلى غير ذلك مما تنال الحوامل من التعب والمشقة ، ( ووضعته كرها ) أي : بمشقة أيضا من الطلق وشدته ، ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا )

وقد استدل علي ، رضي الله عنه ، بهذه الآية مع التي في لقمان : ( وفصاله في عامين ) [ لقمان : 14 ] ، وقوله : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) [ البقرة : 233 ] ، على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، وهو استنباط قوي صحيح . ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة ، رضي الله عنهم .

قال محمد بن إسحاق بن يسار ، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن بعجة بن عبد الله الجهني قال : تزوج رجل منا امرأة من جهينة ، فولدت له لتمام ستة أشهر ، فانطلق زوجها إلى عثمان فذكر ذلك له ، فبعث إليها ، فلما قامت لتلبس ثيابها بكت أختها ، فقالت : ما يبكيك ؟ ! فوالله ما التبس بي أحد من خلق الله غيره قط ، فيقضي الله في ما شاء . فلما أتي بها عثمان أمر برجمها ، فبلغ ذلك عليا فأتاه ، فقال له : ما تصنع ؟ قال : ولدت تماما لستة أشهر ، وهل يكون ذلك ؟ فقال له [ علي ] أما تقرأ القرآن ؟ قال : بلى . قال : أما سمعت الله يقول : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) وقال : ( [ يرضعن أولادهن ] حولين كاملين ) ، فلم نجده بقى إلا ستة أشهر ، قال : فقال عثمان : والله ما فطنت لهذا ، علي بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها ، قال : فقال بعجة : فوالله ما الغراب بالغراب ، ولا البيضة بالبيضة بأشبه منه بأبيه . فلما رآه أبوه قال : ابني إني والله لا أشك فيه ، قال : وأبلاه الله بهذه القرحة قرحة الأكلة ، فما زالت تأكله حتى مات .

رواه ابن أبي حاتم ، وقد أوردناه من وجه آخر عند قوله : ( فأنا أول العابدين ) [ الزخرف : 81 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا فروة بن أبي المغراء ، حدثنا علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : إذا وضعت المرأة لتسعة أشهر كفاه من الرضاع أحد وعشرون شهرا ، وإذا وضعته لسبعة أشهر كفاه من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرا ، وإذا وضعته لستة أشهر فحولين كاملين ; لأن الله تعالى يقول : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا )

( حتى إذا بلغ أشده ) أي : قوي وشب وارتجل ( وبلغ أربعين سنة ) أي : تناهى عقله وكمل فهمه وحلمه . ويقال : إنه لا يتغير غالبا عما يكون عليه ابن الأربعين .

[ ص: 281 ]

قال أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قلت لمسروق : متى يؤخذ الرجل بذنوبه ؟ قال : إذا بلغت الأربعين ، فخذ حذرك .

وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبيد الله القواريري ، حدثنا عزرة بن قيس الأزدي - وكان قد بلغ مائة سنة - حدثنا أبو الحسن السلولي عنه وزادني قال : قال محمد بن عمرو بن عثمان ، عن عثمان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " العبد المسلم إذا بلغ أربعين سنة خفف الله حسابه ، وإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة إليه ، وإذا بلغ سبعين سنة أحبه أهل السماء ، وإذا بلغ ثمانين سنة ثبت الله حسناته ومحا سيئاته ، وإذا بلغ تسعين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وشفعه الله في أهل بيته ، وكتب في السماء أسير الله في أرضه " .

وقد روي هذا من غير هذا الوجه ، وهو في مسند الإمام أحمد .

وقد قال الحجاج بن عبد الله الحكمي أحد أمراء بني أمية بدمشق : تركت المعاصي والذنوب أربعين سنة حياء من الناس ، ثم تركتها حياء من الله ، عز وجل .

وما أحسن قول الشاعر :


صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه فلما علاه قال للباطل : ابطل


( قال رب أوزعني ) أي : ألهمني ( أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه ) أي : في المستقبل ، ( وأصلح لي في ذريتي ) أي : نسلي وعقبي ، ( إني تبت إليك وإني من المسلمين ) وهذا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى الله ، عز وجل ، ويعزم عليها .

وقد روى أبو داود في سننه ، عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعلمهم أن يقولوا في التشهد : " اللهم ، ألف بين قلوبنا ، وأصلح ذات بيننا ، واهدنا سبل السلام ، ونجنا من الظلمات إلى النور ، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا ، وأزواجنا ، وذرياتنا ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ، واجعلنا شاكرين لنعمتك ، مثنين بها قابليها ، وأتممها علينا " .

قال الله تعالى : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم ) أي : هؤلاء المتصفون بما ذكرنا ، التائبون إلى الله المنيبون إليه ، المستدركون ما فات بالتوبة والاستغفار ، هم الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ، ويتجاوز عن سيئاتهم ، فيغفر لهم الكثير من الزلل ، ويتقبل منهم اليسير من العمل ، ( في أصحاب الجنة ) أي : هم في جملة أصحاب الجنة ، وهذا حكمهم عند الله كما وعد [ ص: 282 ] الله من تاب إليه وأناب ; ولهذا قال : ( وعد الصدق الذي كانوا يوعدون )

قال ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن الحكم بن أبان ، عن الغطريف ، عن جابر بن زيد ، عن ابن عباس ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الروح الأمين ، عليه السلام ، قال : " يؤتى بحسنات العبد وسيئاته ، فيقتص بعضها ببعض ، فإن بقيت حسنة وسع الله له في الجنة " قال : فدخلت على يزداد فحدث بمثل هذا الحديث قال : قلت : فإن ذهبت الحسنة ؟ قال : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) .

وهكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، عن المعتمر بن سليمان ، بإسناده مثله - وزاد عن الروح الأمين . قال : قال الرب ، جل جلاله : يؤتى بحسنات العبد وسيئاته . . . فذكره ، وهو حديث غريب ، وإسناد جيد لا بأس به .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا سليمان بن معبد ، حدثنا عمرو بن عاصم الكلائي ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية ، عن يوسف بن سعد ، عن محمد بن حاطب قال : ونزل في داري حيث ظهر علي على أهل البصرة ، فقال لي يوما : لقد شهدت أمير المؤمنين عليا ، وعنده عمار وصعصعة والأشتر ومحمد بن أبي بكر ، فذكروا عثمان فنالوا منه ، وكان علي ، رضي الله عنه ، على السرير ، ومعه عود في يده ، فقال قائل منهم : إن عندكم من يفصل بينكم ، فسألوه ، فقال علي : كان عثمان من الذين قال الله : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) قال : والله عثمان وأصحاب عثمان - قالها ثلاثا - قال يوسف : فقلت لمحمد بن حاطب : آلله لسمعت هذا من علي ؟ قال : آلله لسمعت هذا من علي ، رضي الله عنه
 

بنوته مصريه

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#10
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

تفسير سورة الغاشية وهي مكية .

قد تقدم عن النعمان بن بشير : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ ب " سبح اسم ربك الأعلى " والغاشية في صلاة العيد ويوم الجمعة .

وقال الإمام مالك ، عن ضمرة بن سعيد ، عن عبيد الله بن عبد الله : أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير : بم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الجمعة مع سورة الجمعة ؟ قال : " هل أتاك حديث الغاشية " .

رواه أبو داود عن القعنبي ، والنسائي عن قتيبة ، كلاهما عن مالك به ، ورواه مسلم وابن ماجه ، من حديث سفيان بن عيينة ، عن ضمرة بن سعيد ، به .

بسم الله الرحمن الرحيم

( هل أتاك حديث الغاشية ( 1 ) وجوه يومئذ خاشعة ( 2 ) عاملة ناصبة ( 3 ) تصلى نارا حامية ( 4 ) تسقى من عين آنية ( 5 ) ليس لهم طعام إلا من ضريع ( 6 ) لا يسمن ولا يغني من جوع ( 7 ) )

الغاشية : من أسماء يوم القيامة . قاله ابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد ; لأنها تغشى الناس وتعمهم . وقد قال ابن أبي حاتم :

حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة تقرأ : ( هل أتاك حديث الغاشية ) فقام يستمع ويقول : " نعم ، قد جاءني " .

وقوله : ( وجوه يومئذ خاشعة ) أي : ذليلة . قاله قتادة . وقال ابن عباس : تخشع ولا ينفعها عملها .

وقوله : ( عاملة ناصبة ) أي : قد عملت عملا كثيرا ، ونصبت فيه ، وصليت يوم القيامة نارا حامية .

[ ص: 385 ]

وقال الحافظ أبو بكر البرقاني : حدثنا إبراهيم بن محمد المزكى ، حدثنا محمد بن إسحاق السراج ، حدثنا هارون بن عبد الله ، حدثنا سيار حدثنا جعفر قال : سمعت أبا عمران الجوني يقول : مر عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، بدير راهب ، قال : فناداه : يا راهب [ يا راهب ] فأشرف . قال : فجعل عمر ينظر إليه ويبكي . فقيل له : يا أمير المؤمنين ، ما يبكيك من هذا ؟ قال : ذكرت قول الله ، - عز وجل - في كتابه : ( عاملة ناصبة تصلى نارا حامية ) فذاك الذي أبكاني .

وقال البخاري : قال ابن عباس : ( عاملة ناصبة ) النصارى .

وعن عكرمة ، والسدي : ( عاملة ) في الدنيا بالمعاصي ( ناصبة ) في النار بالعذاب والأغلال .

قال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة : ( تصلى نارا حامية ) أي : حارة شديدة الحر ( تسقى من عين آنية ) أي : قد انتهى حرها وغليانها . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والحسن ، والسدي .

وقوله : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : شجر من نار .

وقال سعيد بن جبير : هو الزقوم . وعنه : أنها الحجارة .

وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو الجوزاء ، وقتادة : هو الشبرق . قال قتادة : قريش تسميه في الربيع الشبرق ، وفي الصيف الضريع . قال عكرمة : وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض .

وقال البخاري : قال مجاهد : الضريع نبت يقال له : الشبرق ، يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس ، وهو سم .

وقال معمر ، عن قتادة : ( إلا من ضريع ) هو الشبرق ، إذا يبس سمي الضريع .

وقال سعيد ، عن قتادة : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع ) من شر الطعام وأبشعه وأخبثه .

وقوله : ( لا يسمن ولا يغني من جوع ) يعني : لا يحصل به مقصود ، ولا يندفع به محذور .
 

مزاج كاتب

مراقب اقسام
طاقم الإدارة
#11
رد: آيات وتفاسير فى القرآن الكريم

جزاك الله تعالى خيرا على تقديم هذا الطرح العطر.و عسى أن تتحقق به الفائدة لقارئه و تنالوا شيئا من الأجر.تحيتي و تقديري لك و أحسنت النشر.